آخر الأخبار

جاري التحميل ...

ما الذي تغير فينا منذ 20 فبراير؟

ما الذي تغير فينا منذ 20 فبراير؟



عبد الحميد جماهري

عندما يقع ما لم يكن متوقعا، فلا أحد يمكنه أن ينفي أن تغييرا ما حصل. وفي المغرب، الذي لم يكن الشارع العام فيه حكرا على الدولة أو على فصيل ما من فصائل الفعل السياسي أو الرمزي، على الأقل منذ نهاية التسعينيات، لا شك أن تظاهرات 20 فبراير و20 مارس أحدثت تغيرات في السلوك وفي المزاج وفي التحليل.
في السلوك أولا: لقد نمنا ليلة الأحد بدون مشاهد كابوسية تنغص علينا ما نرسمه للغد. ولعب الجميع اللعبة، متظاهرون وسلطة، ومرت الأمور في سياق ناضج ومحترم، ربما يدفعنا من جديد إلى الحديث عن قدرة بلادنا على صنع استثنائها عندما تشاء.
وعلى عكس كل التحوطات والتوجسات، تظاهر المغاربة في كل المدن، بما في ذلك المدن التي عرفت أحداثا أليمة كطنجة، بدون أشياء تسيء إلينا.
ففي شهر واحد، وربما أقل، أنضجنا شرط السلامة المدنية للجميع، وأنضجنا شروط تجاوز الرعب المتبادل، كما أننا تجاوزنا جدار الصمت المحيط بسؤال الفضاء العمومي، علما أن أحداثا ما بين التاريخين، وإن لم ترتبط بالمسيرات، كان يمكن أن تزيد من التشنج أو تخلق شروطا مغايرة لما حدث.
لقد اتضح بأنه لم يكن الخيار الوحيد الممكن أمامنا، هو إما العنف المشروع أو .. العنف غير المشروع.
بل هو المشروع فقط في بلاد جديدة تريد التغيير.
تغيرت أيضا الحساسيات السياسية المصاحبة والمتفاعلة مع ما يجري في الخارج. وتبين أن شجاعة الإقرار بضرورة الإصلاحات ترادفها أيضا الشجاعة في تحديد سقف المطالبة السياسية.
عوض توازن الخوف، توازن الشجاعة.
وهذا ابتكار طيب يفضي، لا محالة، إلى الطريق القويم في بناء المغرب الذي نريده.
لقد صنعنا لحظة هدوء عامة، يمكنها أن تكون قاعدة لتوقع أشياء هادئه في المستقبل.
كما يمكنها أن تطمئننا على ما يمكن أن يفرزه هذا الحراك الوطني الموجود حاليا.
وعلى المستوى السياسي أصبحت الكثير من الأسئلة شبه متقادمة وكأنها من سفر الرؤيا.
فقد كنا نشرح الواقع، تحت سقف منخفض للغاية، وكنا نمزق هذا الواقع - وخلايانا- لعلنا نجيب عن كيفية استخراج ما يجب استخراجه من واقع لا يريد الحركة؟
كما نسأل مثلا: مع من سنتحالف لكي نصلح؟
ومن سيقود الإصلاح؟
وإلى أي حد يمكن أن يتقبله خط التوازنات المتتابعة بين كل الفاعلين. وأين يقف اليمين من الوسط، وأين يقف اليسار من البلاط؟
وماذا في جعبة الفقهاء إذا ما تعمموا بالشعارات؟
كنا، منذ 2007، نتأمل الإصلاحات التي تمت، مرة من جهة الكأس المليئة، وتارة من جهة الكأس الفارغة، لكننا كنا نحتار في أن نجد الوصفة التي تمكننا من تحريك التاريخ بسرعة غير الرتابة التي يسير بها.
وفجأة كأن أحدا ما فتح الباب مشرعا في وجه النسيم، وفي وجه الريح؟
فجأة تطايرت الكثير من الأفكار والتحليلات، كما يتطاير غبار في ممر عتيق دخله تيار هوائي.
لا لأن الفضاء كان مغلقا، بل لأن الفضاء المفتوح لم يكن دائما نافذة على الفضاء السياسي الداخلي.
فحتى الخطاطات والبرامج التي وضعت، هنا وهناك، في الأحزاب من أجل إيجاد خارطة الطريق، لم تصبح ذات معنى، وتم تجاوز الكثير من برامج العمل في مؤسسات الحكومة، وفي مؤسسات البرلمان، وفي الكيانات السياسية المدنية..
كما لو أن التاريخ، هذه المرة، أراد أن يأتي على أكتاف الشباب الحماسي، ولا يريد أن يدخل من النافذة أو بعد دروس في الجيمناستيك السياسي.
أشياء كثيرة تغيرت ولا شك، من رياح الشرق ومن رياح الغرب، وتغيرنا أيضا ولا شك، وسنخطيء الموعد لو قلنا إننا لم نتغير في هذا الشهر الذي بدأ في الخارطة بين خط العرض وخط الطول..
من المحقق أن التاريخ لم يقل كلمته بعد في هذا المخاض المغربي، ولكن الشيء الذي يمكن قوله أو علمنا إياه التاريخ ذاته، هو أن الأشياء التي لم تكتمل، حتى هي لابد من أخذها بعين الاعتبار.
لقد مرت علينا لحظة ما من التردد، وربما من الترقب المشوب بالحيرة، وقتها لم يكن القرار غائبا، ذلك أن التردد هو بحد ذاته قرار..! ولكنه اليوم يحظى بانتماء واضح إلى المستقبل.
لن نضع، في سلة التظاهرات وهذا الحراك، غلالا كثيرة، فذلك ليس وقته، ولابد للأشياء الأخرى، التي لم تنضج، من أن تنضج في هدوء وبدون استعصاءات قد تكلف غاليا.
ولكن ما هو أساسي اليوم، هو أن سلطة الضرورة تترك، رويدا رويدا، مكانها لسلطة الحرية!


3/23/2011

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017