آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الاستثناء المغربي

الاستثناء المغربي



مصطفى المسناوي

ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات كثيرة تنفي وجود شيء اسمه «الاستثناء المغربي»، أي تلك الخاصية التي تجعل بلادنا فريدة من نوعها لا تشبه في أي وجه من الوجوه باقي بلدان العالم، سواء منها السائرة على درب النمو أو السائرة بدأب نحو مصيرها المحتوم.
والحقيقة أن هذه الأصوات المعترضة، عموما، هي أصوات لا يكتوي أصحابها بنبض الواقع الذي يكشف في كل لحظة وحين عن ذلك «الاستثناء» الفريد من نوعه على المستوى الكوكبي، والذي يرتبط في الغالب الأعم بكوننا نتحدّر جميعا من قارة أطلنطا التي اختفت ذات يوم في المحيط الأطلنطي (أو الأطلسي)
لكنها تركت لنا العديد من علومها الخفية، وعلى رأسها «علم السحر» الذي اشتهر المغاربة به وجعل الآخرين يهابونهم منذ قديم الأزمان.
وعلى كل من يشك في وجود هذا «الاستثناء» أن يخصص بعضا من وقته الكريم لمتابعة نشرات أخبار القناة الثانية (المسماة عند أهل الأرض «دوزيم») ليكتشف حضوره القوي وأنه وحده الذي يستطيع تجنيبنا مخاطر «القاعدة» (والواقفة، كذلك). وإذا كان بعض شباب 20 فبراير قد احتجوا لأن قسم الأخبار بـ»الدوزيام» (كما يطلق عليها شعب «مختفون») أجرى عملية «مونتاج» على تصريحاتهم يوم 20 مارس جعلتها مخالفة لما قالوه فعلا، فلأنهم لا يريدون الاعتراف بـ»الاستثناء» الفريد (والأطرش) من نوعه الذي يجعل نشرات أخبار هذه القناة تحظى بإقبال شديد ومتابعة عالمية من هونو لولو (أو: هنا لولو، كما قد يرى البعض) في المحيط الهادي إلى ماناوس في أقصى شمال الأمازون.
وقد احتار محللون أمريكيون (ومعهم محرّمون بريطانيون) في سرّ هذه المتابعة الدولية لنشرات القناة، وشكّلوا لجانا لدراستها خلصت بعد لأي (كما يقول القدماء) إلى أن السرّ يكمن في ما يلي: إذا كانت نشرات الأخبار في القنوات التلفزيونية العالمية تعتمد على صحافيين متمرسين ذوي نضج وتجربة (عمرية ومهنية) طويلة خصبة واستقلالية وقوة شخصية تؤسس لعلاقة ثقة بينهم وبين المشاهدين، فإن قناتنا الكوكبية اختارت الاعتماد على شباب في بداية حياتهم المهنية، لا يحسنون الاستماع سوى لرؤسائهم ولا يتفننون في شيء قدر تفننهم في تنفيذ التوجيهات، كما اختارت إقصاء وتهميش كل الصحافيين المزعجين من ذوي الرأي، الذين راكموا تجربة محترمة (في القسمين العربي والفرنسي معا) وحصلوا على قدر محترم من المصداقية لدى المشاهد؛ وهذا أكبر تأكيد على «الخصوصية المحلية» وعلى»الاستثناء» الإعلامي الرسمي المغربي.
إلا أن هؤلاء المحلّلين (والمحرّمين بالخصوص) انتهوا في ما درسوه إلى أن هذه المسألة التي قد تبدو شكلية تماما، وهي الاعتماد على مذيعين طوع اليد وإقصاء الصحافيين ذوي الرأي والتجربة في إعلام الدولة ببلد من البلدان، تعتبر مؤشرا قويا على أن هذا البلد بعيد تماما عن شيء اسمه «الديمقراطية» و»الحق في الإعلام» و»احترام الرأي والرأي الآخر»...إلى غير ذلك من الشعارات الرنانة التي يسهل إطلاقها على الملأ، مثلما يسهل التأكد من كذبها حين يهتف المذيع الشاب بفرح (وهو مجرد منفذ للأوامر، ليس إلا) أن عدد المشاركين في مسيرة 20 مارس بالدار البيضاء لم يتجاوز 1500 فرد (في حين تتحدث مصادر مستقلة عن أكثر من عشرين ألفا)، أو حين يقوم مذيع آخر بإجراء عمليات «مونتاج» تحرّف تصريحات شباب 20 فبراير بما ينطقها بعكس ما قالوه أصلا.
إنه ملمح قوي من ملامح «الماركة» المسجلة لشيء اسمه «الاستثناء المغربي» كما يعبر عنه شيء اسمه: «الإعلام الرسمي المغربي»!
3/25/2011

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017