آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الدستور يكشف المستور


موسى متروف

تصوروا حزبا سياسيا مغربيا (يا حسرة) يعتزم تقديم اقتراحه حول الإصلاح الدستوري دون المس بصلاحيات الملك في الدستور الحالي! أي "إصلاح" هذا الذي سيقترحه هؤلاء الذين يعتبرون أن رد "الجميل" (وهو "الأبشع" في تاريخ المغرب الراهن) لـ"ولي النعمة" هو أن يكونوا أكثر ملكية منه؟ هذا الحزب الإداري الذي صنعه الحسن الثاني وإدريس البصري والذي لم ينقرض (من حسن حظه وسوء حظ الدمقرطة) مثل "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية" الذي صنعه صديق الملك رضا كديرة هو أقل جرأة من حزب صديق
الملك الحالي الذي خُلق بنفس الطريقة الكديرية والبصرية. هذا هو العجب العُجاب، نفس الأسباب لم تُعط نفس النتائج وإن كانت كلها نتائج تثبت فبركة ديمقراطية الواجهة.
لنعد إلى عدم المساس باختصاصات الملك من طرف حزب يحمل في اسمه (يا حسرة مرة أخرى) صفة "الدستوري" (طبعا يذكر هذا بحزب بنعلي وقبل ذلك بـ"فديك" كديرة). هل يمكن توسيع اختصاصات الوزير الأول مثلا بدون "انتزاعها" من صلاحيات الملك؟ أليس هذا تحجيما للإرادة الملكية المُعبر عنها في خطاب 9 مارس؟ أمثال هؤلاء يفتقدون الحياء في زمن ارتفعت فيه مطالب الشعب للمطالبة بإصلاحات حقيقية. هؤلاء المتحمسون أكثر من اللزوم إلى ملكية تنفيذية "تغرق" في تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد هم أصلا الوجه الظاهر لما يسمى بـ"جيوب مقاومة الإصلاح" لأن هذا النوع من الحكامة غير الديمقراطية هو الذي "يُنعش" الفساد ونظام الامتيازات وسيادة اللاعقاب مقابل الولاء الأعمى ليس فقط للملك بل لكل الدائرة المحيطة به. هؤلاء هم الذين يمنحون المخزن ديمومةً تتحدى عوامل تعرية الزمن ورياح التغيير التي لا تُبقي ولا تذر.
هؤلاء الذين يعتبرون إقرار "الملكية البرلمانية" إيذانا بنهاية الملكية هم أصلا أكبر خطر عليها، لأن الذي لا يتطور ينقرض واسألوا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون. تخيلوا أن من هؤلاء الذين "لا يعلمون" أساتذة في القانون الدستوري (يا حسرة أخرى).
فقد جاء واحد منهم إلى قناة عمومية ليقول إن الشباب لا يفهمون معنى "الملكية البرلمانية" ويعتبر أن المصطلح فرضته الظروف التاريخية لبريطانيا لعدم وجود دستور و"كأن النظام الرئاسي في أمريكا غير ديمقراطي"، هكذا تساءل في حِجاج لا يستقيم. من قال إن النظام الرئاسي غير ديمقراطي إذا كان الرئيس مُنتخبا يا "أستاذ"؟
للملك شرعيته التاريخية التي لا تعني أن له الحق في أن يحكم البلاد بنظام رئاسي (وهو ما كان معمولا به تقريبا في الدساتير المتعاقبة). لا يجب أن تُناقض شرعيته شرعية أخرى ديمقراطية هذه المرة، وهي أكثر جاذبية في هذا العصر، ستتوفر عليها حكومة منتخبة يرأسها وزير أول (ولِم لا "رئيس حكومة" كما كان يُطلق على من شكلوا الحكومات الأولى بعد استقلال البلاد) يقود أغلبية ببرنامج تعاقدت عليه مع الشعب في انتخابات نزيهة وديمقراطية.
لا بد إذن أن يتوسع النقاش الدستوري الجاري حاليا، حتى لا تنتشر المغالطات وحتى تتضح الصورة، كل الصورة، لنرى من مع الإصلاح ومن يستفيد من بقاء الوضع على ما هو عليه وربما يريد الأسوأ ليضمن الحفاظ على المنافع التي يحظى بها في ظل نظام غير شفاف مبني على الولاء مقابل الريع وحتى الفساد.


عن موقع كود

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017