آخر الأخبار

جاري التحميل ...


مغاربة العالم والإصلاحات الدستورية - Hespress



مغاربة العالم والإصلاحات الدستورية
عمر المرابط*


Monday, March 21, 2011


تعدادا يشكل مغاربة الخارج عُشُر سكان المغرب، اقتصاديا يشكلون المصدر الثاني للعملة الصعب،- إن لم يكونوا المصدر الأول حيث يُعدون أيضا من السياح- ، اجتماعيا يمثلون الدعم الأساسي للآلاف من العائلات المغربية وربما المخرج الوحيد أحيانا من الفقر المدقع، لكن سياسيا عدا مجلس الجالية ذي الصبغة الاستشارية والاستشرافية يصدق فيهم المثل الذي يقول "جعجعة ولا أرى طحنا".
مطالب مغاربة الخارج وانتظاراتهم تتمثل أساسا في التعامل معهم كمواطنين مغاربة لهم ما لهم من حقوق، وعليهم ما عليهم
من واجبات، مبتغاهم أن يُتعامل معهم كمواطنين كاملي المواطنة بدون زيادة أو نقصان، أهم ما تتوق إليه أنفسهم هو الحفاظ على هويتهم خاصة الثقافية والدينية منها، هدفهم الأسمى خدمة وطنهم، غايتهم الأعلى المساهمة في تنمية بلدهم، غرضهم الأرفع إفادة وإعانة إخوانهم في الداخل، وسيلتهم ومرامُهم لتحقيق ما ذكرنا تتجلى في إشراكهم في الأوراش الكبرى للمغرب وذلك من خلال إدماجهم في العملية السياسية والإصلاحية والتقويمية.
قد يقول قائل أن مطلب المشاركة السياسية والمساهمة في التدبير ليس المطلب الأساس لمغاربة الخارج، وهذا صحيح وحقّ للقائل أن يصرح بذلك إذ الواقع يُبين أن هناك مطالب أكثر إلحاحا وأجدر تحقيقا ولا أحد يجادل في هذا الشأن، لكن ألا يَـصدُق هذا الأمر على كافة المغاربة؟ أليس البحث عن لقمة الخبز في المقام الأول وتأتي من بعد الرغبة في العيش الكريم، وفي ضمان الأمن والأمان والحرية والتعليم، وفي العدل والقسط والعدالة الاجتماعية وغير ذلك؟ أيعقل أن ننتظر الإنجاز الكامل لجميع الأولويات للقيام بتحقيق المشاركة السياسية؟
من البديهي إذن أن المشاركة السياسية لم تكن أبدا أولى الأولويات ليس لمغاربة الخارج فقط بل حتى في داخل المغرب، وما العزوف الانتخابي إلا دليل واضح لما أقول، لكن اعتبار مشاركة مغاربة الخارج مجرد ترف سياسي فهذا اعتداء على حقهم في المواطنة الكاملة، ولهذا يجب القطع مع التعامل المتردد مع القضية والقيام أولا بتطبيق ما جاء في الخطاب الملكي في 5 نونبر 2005 الذي أحدث قفزة نوعية في الاهتمام بأبناء المغرب القاطنين بالخارج ، وإلا شهدنا تراجعات في هذا المضمار كما شهدناها في ميادين أخرى وهو ما وقع فعلا في انتخابات 2007 حيث أن الحكومة تعذرت تارة بمشاكل تقنية وتارة بغيرها وتلكأت ولا تزال في الاستجابة الواضحة لما ورد في نفس الخطاب.
إنه إذا كان إشراك مغاربة العالم في الأوراش الاقتصادية والتنموية والاجتماعية لا جدال فيه ولا غبار عليه ، فإن الجدال والسجال يكمن في المجال السياسي ،وهو مجال يود العديد من مغاربة الخارج بكفاءاتهم العلمية وتجربتهم السياسية المتعددة في بلاد عريقة في الديمقراطية والحداثة الانخراط فيه، وإذا كان المغرب يجتهد في تبادل التجارب مع بعض البلدان الصديقة فمن باب أولى أن يتبادل التجارب مع بنيه القاطنين في الخارج ويفتح لهم أبواب المساهمة الفعالة.
لا شك أن التعديلات الدستورية من شأنها منح المغرب مجتمعا أكثر ديموقراطية وفضاء أوسع حريةً وقضاء أكبر نزاهة، بيد أنه لابد أن تطال التغييرات أيضا كل ما من شأنه أن يزيل العوائق التي تحول دون الإشراك الفعلي لمغاربة الخارج في عملية الدمقرطة والإصلاح والمساهمة في الحكامة الجيدة والتمثيلية السياسية والبرلمانية، وعلى سبيل المثال يجب أن تسمح التغييرات المقترحة بالمشاركة في الغرفة الثانية علاوة على الأولى، وأن ترفع مستوى مجلس الجالية إلى موقع المؤسسة المُنص عليها دستوريا شأنه في ذّلك شأن باقي المجالس المذكورة في الدستور الحالي . لجنة تعديل الدستور تضم شخصيات وازنة منها من له كامل المعرفة وعميق الخبرة بشؤون الهجرة والمهاجرين ،وتضم أسماء عرفت بدفاعها العتيد عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية، مما يجعلني لا أشك لحظة في تطرق اللجنة لموضوع تمكين مغاربة المهجر من التمتع بمواطنتهم الكاملة غير الناقصة، التامة غير المبتورة الشاملة غير الجزئية ؛ لكن الكل يعرف أن البعض يعارض تلكم المشاركة لأسباب منطقية وغير منطقية، ولأغراض مختلفة ولدوافع متعددة ،مما يجعل الحذر مشروعا لكن بدون تشاؤم، واليقظة واجبة دون غفلة والحرص لازما دون إهمال، عسى أن يُؤخذ الموضوع بكل الجدية الضرورية ويُعطى الاعتبار المنشود.
إنها لمناسبة فذة وفريدة على مغاربة الخارج استثمارها بل استغلالها لإسماع صوتهم وإبلاغ مطالبهم وتبيان رغباتهم، فنحن على مرمى حجر من تحقيق الهدف إذا حضرت الرغبة الأكيدة والإرادة الصادقة وقام كل بدوره في التعبئة الميدانية أولا ثم في تحسيس ذوي الأمر بالقضية ثانيا، وما الإشراك المنتظر لمغاربة الخارج في الاستفتاء المنتظر على التعديلات إلا فرصة ودليل على إمكانية تجاوز كل الحواجز وتخطي كل العوائق و والقفز على جميع المحبطات التي منعت وتمنع ما يصبو إليه قدرٌ معتبر من مواطني المغرب القاطنين بالخارج.
وختاما نرى أن اللجنة مدعوة للإنصات لصوت مغاربة المهجر من مفكرين وخبراء وجمعيات وقوى حية قصد إشراكهم في المناقشات والحوارات التي ستجرى لتغيير الدستور، كما يمكنها أن تطلب منهم تزويدها بالاقتراحات والآراء التي ستمكن من تحقيق مطلب المشاركة الحقيقية لا الرمزية، النشيطة لا الخاملة، الإيجابية لا السلبية لكي ينخرط الجميع في ورش الإصلاحات السياسية وهذا من جهة، أما من جهة ثانية فعلى الجمعيات والهيئات التي تعمل في ميدان الهجرة أن تنظم ورشات عمل تشاركية تمكنها من استقراء الرأي وتجميع المقترحات والتعامل بكل إيجابية وحكمة ورجاحة عقل مع اللجنة مما سيمكن من رفع الهمم والمساهمة الفعالة الهادفة والدفع إلى الأمام في سبيل تحقيق هدف المواطنة الحقة الكاملة والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
*باحث في العلوم السياسية مقيم بباريس

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017