آخر الأخبار

جاري التحميل ...

‘منتدى 90 دقيقة للإقناع' يواكب النقاش العمومي حول تعديل الدستور

‘منتدى 90 دقيقة للإقناع' يواكب النقاش العمومي حول تعديل الدستور

تصوير: عيسى سوري | المغربية




أدار الحوار: عبد الهادي الكادي شارك في الحوار: محمد فجري ونورالدين عفير (المغربية)، وإبراهيم مخلص ومحمد بدران (لومتان)

في إطار مواكبة النقاش العمومي حول الإصلاحات السياسية والدستورية، التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس، في خطاب 9 مارس الماضي، الذي تنظمه مجموعة ماروك سوار، الأسبوع الماضي، استضاف منتدى 90 دقيقة للإقناع كلا من بشرى برجال، عضوة المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، وشاكر أشهبار، رئيس حزب التجديد والإنصاف، والتهامي الخياري، الكاتب الوطني لحزب جبهة القوى الديمقراطية، للرد على أسئلة صحافيي المجموعة..
التي دارت حول قراءة هذه التشكيلات السياسية للمشهد السياسي، وموقع الأحزاب في الإصلاحات، والخطوط العريضة للمقترحات المقدمة إلى اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور.

وكان "منتدى "90 دقيقة للإقناع"، استضاف ممثلين عن حركة 20 فبراير والمجتمع المدني، ثم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، ونبيلة منيب، عضوة المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، ولحسن الداودي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، إضافة إلى كل من بثينة العراقي، عضوة المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، ومصطفى المشهوري، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية.


* ما هي قراءاتكم للحراك الجاري في المشهد السياسي المغربي ؟


بشرى برجال:


يمكن القول في ما يخص الحراك السياسي، الذي تعرفه بلادنا، بصفتي عضوة في حزب الاتحاد الدستوري، وكمواطنة أيضا، أننا إذا استشعرنا نبض الشارع، نلاحظ أن المواطنين مازالوا لم يستوعبوا الوتيرة السريعة، التي جاءت بها الإصلاحات، التي ستدفع البلاد نحو التقدم والتنمية والديمقراطية، بل يهيأ إلينا أحيانا، وكأننا نعيش حلما، وهذا مرده، في اعتقادي، إلى سببين اثنين، فالأول عائد لأننا جبلنا، كسياسيين وكمواطنين، على ضرورة الاستماتة في النضال من أجل الوصول إلى الأهداف والدفاع عنها، والسبب الثاني، هو ثقافة التدرج، التي تربينا عليها، إذ تعودنا، كمواطنين، إن أرادنا الوصول إلى أي شيء، لا بد لنا أن نرسم الطريق، ونقنن، ونضع أرقاما، ولا يمكننا أن نصل إلى رقم متقدم، دون أن نعرج على الرقم الذي قبله.


إن ثقافة التدرج هذه، فوتت علينا فرصا متعددة، ونحن كشعب، لدينا هذه الثقافة، سواء في حياتنا المهنية أو السياسية، داخل الأحزاب، وفي كل القطاعات. وضيعت علينا هذه الثقافة عددا من الفرص، قبل أن يأتي الخطاب الملكي بتاريخ 9 مارس الماضي، ويضرب بعرض الحائط هذه الحمولة الثقافية، التي ورثناها.


وأريد إحالتكم على جملة قصيرة في الخطاب الملكي بخصوص الجهوية، لأوضح كيف أن جلالة الملك استشعر ثقافة التدرج، وأراد الدفع بقوة نحو هذا الحراك السياسي. لقد استشعر هذه المسألة في ما يخص الجهوية، إذ يقول جلالته "لقد اقترحت اللجنة، في إطار التدرج، إمكانية إقامة الجهوية المتقدمة بقانون في الإطار المؤسسي الحالي، في أفق إيضاح ظروف دسترتها"، وكان جواب جلالة الملك "ولقد ارتأينا الأخذ بهذا الاختيار المقدام"، يعني حول الجهوية، فلجلالته شخصية ثائرة وأحيانا كثيرة، يسبق توقعات الفاعلين السياسيين والجمعويين.


وما أثار انتباهنا من خلال هذه الدينامية، هو الدعوة السامية إلى ضرورة الخلق والإبداع، وهو ما كنا نفتقده في مؤسساتنا المختلفة، هذا الخلق والإبداع، نص عليه جلالة الملك في خطابه، حينما أناط باللجنة الاستشارية مهمة تهيئ أو جمع المقترحات من الأحزاب السياسية، وطالبها بالاجتهاد، إلى جانب هذه المقترحات، ودعاها إلى الخلق والإبداع، وهو ما أعتبره دعوة موجهة إلى كل الفاعلين السياسيين في المغرب.


نحن، في الاتحاد الدستوري، وأقولها بافتخار، كان لنا سبق في التفكير والتنظير للجهوية، إذ نادينا بالجهوية في البدايات. وبصفة عامة، فإن الخطاب الملكي أبهرنا، وأبهر المنظومة السياسية ككل، وتجاوزها، وتجاوز سقف الانتظارات، رغم ما قيل وما يحاول البعض إشاعته، من أن المضامين، التي جاء بها الخطاب، لا ترقى لسقف المطالب، بل إن الخطاب ثورة حقيقية، جاء بعدد من الأبواب والنقاط الرئيسية، ويجب، فقط، تملك المفاتيح الصائبة لفتح كل باب.


ونعتبر، في الاتحاد الدستوري، أن الخطاب الملكي ثورة جديدة للملك والشعب، وسيسجل التاريخ بمداد من ذهب هذا الدستور السادس لمحمد السادس، وهذه مسيرة فكرية وتنموية نحو التقدم، والديمقراطية، والتنمية الاجتماعية.


التهامي الخياري:


أعتقد أن ما يقع اليوم، من وجهة نظر جبهة القوى الديمقراطية، لا يفاجئنا، علما أن ما يحدث في المغرب مرتبط بدينامية يشهدها العالم العربي، وكنا ننتظر، بشكل أو بآخر، أن يأخذ ما حدث هذا السياق بعين الاعتبار، وأعتقد أن ما يميز الوضعية الحالية في المغرب، هو هذه الإصلاحات، التي جاءت في وقتها، رغم الجو العام، الذي كان سائدا ببلادنا، والذي دفع إلى الاعتقاد بأن السياسة ليست من الأولويات.


بالنسبة لي، هناك فرق بين أن تكون مسيسا، وبين أن تكون مؤطرا، وأكثر وعيا بالسياسة من أولئك المؤطرين. لقد اكتشف المواطنون، بين عشية وضحاها، أن الشباب قادرون على التفكير في ما يحدث، ومقارنة ما يحدث في الخارج بالوضع المغربي، وذكّرنا هؤلاء الشباب بدور الأحزاب السياسية، أو استغلال وتقزيم الأحزاب.


ويبدو من خلال النقاش، الذي نحن بصدده، وكذا النقاش حول دور الأحزاب في إعداد الإصلاحات الدستورية، أن هذا الدور سيكون حيويا، ويمكن القول إنه لا يمكن تحقيق ديمقراطية دون الأحزاب السياسية، وتعلمون جيدا أنه منذ 2002، أي مع حكومة إدريس جطو، التي أحدثت قطيعة، مقارنة مع ما جرى تحقيقه في حكومة التناوب، توصلنا إلى أنه لا يمكن تحقيق ديمقراطية دون التأسيس لأشياء ثابتة ودائمة، ودون أحزاب سياسية قادرة على التأطير السياسي، وأتمنى أن نعود إلى وضع سياسي حقيقي وعاد، وأتمنى أن يسفر كل هذا عن مغرب جديد، وتتوفر الإمكانيات لديمقراطية حقيقية، ويجب ألا يتخوف أي أحد من وجود الديمقراطية، وما يمكن التخوف منه هو غيابها، وهذا تاريخ عالمي، وكل ما عرفه المغرب من مشاكل اقتصادية وأزمات، فهو بسبب وجود "عجز ديمقراطي".


هذا هو توصيفي للوضع السياسي الراهن.


شاكر أشهبار:


سأحاول الحديث عن الوضع السياسي، وأظن أن ما قيل لا يمكن تجزيئه عن هذا السياق، كما لا يعني أنه لا يمكن تسليط الضوء على بعض النقاط، فالمغرب يعيش لحظات خاصة جدا، حتى قبل هذا الربيع العربي، الذي جاء متأثرا بالأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عدد من البلدان العربية، إضافة ما وقع في الصحراء المغربية، وما حدث في "أكديم إيزيك"، وأماكن أخرى، الذي أظهر هشاشة في التدبير على نحو هادئ ومقبول لعدد من الملفات.


ولدت اليوم حركة للشباب المغاربة، الذين اندمجوا بشكل طبيعي في ما حدث، ومن بين المفارقات أن المغرب اعتقد، منذ مدة، أنه تجاوز عتبة الديمقراطية، وتجاوز بعض النقاشات الداخلية لإعادة المصداقية إلى مؤسساته، في إطار الانتقال الديمقراطي. لكن ما حدث أننا لم نحل جميع الإشكالات المرتبطة بدمقرطة المجتمع، وتأسيس حقيقي لدولة الحق. بالنسبة لي، هؤلاء الشباب، الذين لم يكن لديهم أي ارتباط عضوي بالأحزاب، تحولوا إلى قوة حقيقية، تطالب بتغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية، وهي مطالب مشروعة بالنسبة لهم، ودافعوا عنها، كما المغاربة عموما، بنضج كبير، وما يمكن قوله الآن حول ما جاءت به هذه الحركة، هي هذه الدينامية، التي تتطلب أن نضع فوق الطاولة كل إجراءات الدمقرطة والحاجة إلى تفعيل التغيير.


وبالنسبة للحزب الذي أمثله، وهو التجديد والإنصاف، الذي تأسس سنة 2002، وضع أرضية تستجيب بنسبة 95 في المائة لما عبر عنه في الشارع، ولا أقول هذا الكلام من فراغ، بل ما زالت هناك وثائق تدل على ما أقول، فخلال السنوات الأخيرة، حدث ما يمكن أن أسميه تحولا كبيرا، هو التراجع عن تطوير الديمقراطية، ما دفع بالبلاد، بعد سنوات، إلى الاتجاه نحو النموذج "البنعلاوي"، كما يقول البعض، نسبة إلى زين العابدين بنعلي في تونس، وهو السبب وراء تراجع و"قتل" عدد من الفاعلين السياسيين، فمنذ تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، وأنا أحب تسمية الأشياء بمسمياتها، دقينا ناقوس الخطر، ونبهنا إلى أننا تجاوزنا المسموح به والمقبول بالنسبة لنظامنا السياسي، وأشرنا إلى أن هذا النظام مهدد بالارتباك، علاقة بما ينوي هذا الحزب فعله داخل المشهد السياسي في المغرب، إضافة إلى حديثنا عن الإمكانات التي وضعت رهن إشارته لاستعمالها، والحمد لله أن جاء هذا التطور وهذه الصحوة للقوى الحية المستقلة، إضافة إلى رد وتفاعل الأحزاب السياسية مع خطاب 9 مارس، وأعتقد أن الوقت حان من أجل رفع التحديات وتسريع وتيرة الإصلاحات المؤجلة منذ مدة، وأعتقد أن الضمانة لنجاحها وتفعيلها هي إشراك جميع القوى السياسية الحية في هذه الحركية.






ـ كان هناك تبخيس لدور الأحزاب السياسية بعد سنة 2002، كما قال التهامي الخياري، لكن ألا ترون أن الأحزاب هي التي رضيت بهذا الوضع، وساهمت في تكريس تلك الصورة؟


ـ الخياري:


منذ سنة 2002، ساهمت الصحافة، خاصة المستقلة، في تكريس هذه الصورة، انطلاقا من المثل الشعبي القائل "طاحت الصمعة علقوا الحجام"، وروجوا فكرة مفادها أن أي خلل حاصل فهو بسبب الأحزاب السياسية، وأن أي شيء إيجابي هو موجود رغم وجود الأحزاب، وأنها لم تساهم فيه، لكن ما يجب على الجميع فهمه، وعلى الرأي العام استيعابه، أن الأحزاب السياسية ليست متشابهة، وبالتالي لا يجب وضعها كاملة في كفة واحدة، فما حدث هو الأفكار، التي يجري إيصالها للمواطن والصورة التي تعطى له من أن كل الأحزاب متشابهة، وأتحدث عن الجبهة، وأعتقد أنه الحال بالنسبة إلى باقي الأحزاب، لدينا كوادر كفؤة، لكنها لم تنجح في الاستحقاقات الانتخابية، لماذا؟ الآن نحن بصدد نقاش قانون الانتخابات، لأنه يجب وضع (كوطا) قريبا بالنسبة إلى الأطر الحزبية كما فعلنا بالنسبة إلى النساء، وعندما راجعنا لوائح حزبنا وجدنا أن 60 في المائة من المرشحين هم من الأطر مؤهلة، لكنها لم تحصل على فرصتها، لأن النظام السياسي ككل به خلل ما، ففي سنة 2007 مثلا، لم يصوت الشباب، كما لم تصوت الأطر، وهناك عدد كبير من المصوتين تقاضوا مقابلا عن ذلك، والرافضون لهذه الممارسة لزموا بيوتهم، لأن المواطنين اقتنعوا بعدم جدوى العملية الانتخابية ككل، لكن وجوابا عن سؤالك الخاص بالأحزاب فهذه الأخيرة لا يشبه بعضها بعضا، نحن مثلا هوجمنا تنظيميا في وقت سابق من قبل إدريس جطو، الذي استقبل مناضلينا وطلب منهم مغادرة الحزب، لم يسبق لي أن قلتها وأقولها اليوم، إضافة إلى النواب، الذين غادروا الحزب تحت ضغط من الإدارة، ورغم الضربات التي تلقيناها صمدنا، لكن ليس هذا هو الحال بالنسبة إلى كل الأحزاب، وعندما تأسس حزب "البام"، مثلا، كانت مواقفنا واضحة، ومنذ ولادة "حركة لكل الديمقراطيين"، حذرنا رفقة كل الأحزاب السياسية مما قد يحدث، بعد خلق حزب "الانتهازيين"، وسأقول شيئا قلته وأعيد قوله، لأول مرة في هذا البلد وباستحضار التجربة السياسية العالمية، لدينا حزب يتوفر على انتهازيين من اليمين ومن اليسار، وهي تجربة فريدة.


يجب كذلك أن لا نخطئ في قراءتنا، فالمواطنون يطرحون مشاكل سياسية في الشارع، لكنهم في المقابل يطرحون مشاكل اقتصادية واجتماعية، ولا يمكنهم أن يجدوا الجواب سوى من خلال الإصلاحات الدستورية، ويجب أن تكون هناك أجوبة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، من أجل تحقيق ما نسميه بالاستثناء في العالم العربي.


ـ برجال:


أريد في هذا الإطار، فقط، أن أوضح السبب وراء ما اعتبرته تقزيما لدور الأحزاب، ومن أن هذه الأخيرة لا تقوم بدورها في ما يخص الفترات الانتخابية، وأتفق مع الطرح الذي تقدم به الخياري حين قال إن التهم كلها توجه دائما صوب الأحزاب، وبأنها هي المسؤولة، مع أن كل الأحزاب لديها إكراهات مادية ومعنوية، حتى بالنسبة إلى الأحزاب التي توجد خارج الحكومة، أريد فقط العودة إلى نقطة مفادها أننا أحسسنا كلنا، في لحظة ما، كفاعلين سياسيين أو جمعويين، أننا مسؤولون عن النتيجة التي وصلنا إليها، وهو ما نعتبره تقصيرا لا مقصودا ولا إراديا بالنسبة إلى بعض الأحزاب، الدليل على هذا الخلل هو حركة شباب 20 فبراير، مثلا، ففي الوقت الراهن نعيش حياة سياسية مميزة، لكن قبل هذا التاريخ كان هناك خلل، ولكي نكون صريحين مع أنفسنا كان المجتمع، ككل، يحس أن هناك خللا سياسيا، إضافة إلى مجموعة من الأعطاب التي أشار إليها أشهبار، سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، التي ولدت نوعا من التراكمات السلبية لدى الشباب، وإلى جانب هذه الأعطاب هناك غياب واضح لبعض الأحزاب في تأطير هذه الشريحة من الشباب (المسيسين وغير المؤطرين)، كما يمكننا إضافة ما حدث في العالم العربي، لأن هناك اليوم من يتحدث عن ثورات الشباب، وعن انتصارات الشباب، خصوصا ما وقع في ميدان التحرير بمصر، إذ حرك ذلك "الطفل الراقد داخل كل واحد فينا"، إذن كانت هناك دفعة قوية، وأصبح غير الممكن ممكنا، بعدما خرج الشباب للتصريح والمطالبة بحقوقهم، لكن لا يجب أن نعتقد أن الخطاب الملكي لتاسع مارس جاء نتيجة لمطالب 20 فبراير، لأن الخطاب استجاب لمطالب حزبية قدمت منذ مدة، وناضلنا من أجلها، وكانت قوة اقتراحية وطالبت بالإصلاحات.






ـ ما هي التزامات الأحزاب من أجل استعادة هؤلاء الشباب ودمجهم في الحياة السياسية، حتى يشتغلوا من داخل الأحزاب، عوض أن يكونوا خارجها ؟


ـ أشهبار:


سأضم صوتي إلى التهامي لأقول إن الصحافة ووسائل الإعلام والرأي العام قليلا، حينما كانت تميز ما بين الأحزاب السياسية ووضعوها كاملة في كفة واحدة، وهي تعامل غير عادل مع حزب، فحزبنا مثلا، حزبنا، طالب، منذ 2002، بإصلاحات سياسية شاملة وعميقة، بشكل يمكن كل الأحزاب من أن تتنافس بالإمكانيات والوسائل نفسها، وبشكل شريف، على عكس ما شاهدناه، منذ سنة 2002، إذ أخذت في الاعتبار 8 أحزاب "كبرى"، ومنحت لها الإمكانيات المادية والإعلام العمومي، في حين وضعت أحزاب أخرى في الدرجة الثانية أو الثالثة، وكأن ليس لها أي دور تلعبه، لكن رغم ذلك بعض هذه الأحزاب قدمت برامج ولها مخططات عمل، فإذا اطلعنا فقط على نتائج الاستحقاقات الانتخابية، فحزبنا طور نفسه تدريجيا، من خلال نتائجه التي حصل عليها.


ـ أعيد طرح السؤال بصيغة أخرى، هل تحرك الفاعلون السياسيون بعد 20 فبراير أم أن الأمور مازالت على حالها ؟


ـ أشهبار:


دعني فقط أكمل فكرتي، إذ أجد أنه من غير المنصف الاعتماد فقط على هذه الأحزاب الثمانية، ذهبنا نحن بعيدا في قضية الجهوية، والمسألة نفسها تنطبق على قضية الإصلاحات السياسية والدستورية، ووضعنا عدة مذكرات لدى القصر الملكي، ولدى الوزير الأول، ووزير الداخلية، للمطالبة بإصلاحات عميقة تسمح بدمقرطة الحقل السياسي، ومكافحة التزوير في الانتخابات، وإصلاح المشهد السياسي، لتحفيز الناس على المشاركة، وأعتبر أن الخطاب الملكي لـ 9 مارس يشكل خارطة طريق، ودعوة لكل المغاربة، من أجل المساهمة في التغيير.






ـ الخياري


: لا يجب القول إن الأحزاب السياسية هي المسؤولة الوحيدة عن هذا الوضع، إذا أردنا التقدم قليلا في مسار البناء، أنا أقول منذ سنة 2005، طالبنا بدستور جديد، ولما لبينا دعوة اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور قال لي رئيسها عبد اللطيف المانوني، طالبتم بتعديلات دستورية، منذ سنة 2005، وأنا الآن أقف على هذه الحقيقة لأول مرة، خضنا حربا حول ظاهرة الترحال السياسي، وأول حكم سيكون يوم 4 ماي المقبل، وأنا أعتقد أنه لا يجب علينا الآن أن نخطئ المعركة والتعامل مع اللحظة، فعلينا فسح المجال للأحزاب للعب دورها، على المستوى الاجتماعي لا يمكننا الاستمرار هكذا، وفي قطاع التعليم، كذلك، وارتفاع نسب البطالة، الحوار اليوم مع النقابات مسألة إيجابية، 15 مليارا أو 20 مليارا أو 30 مليارا سترصد لتحسين الأجور، فما هي الأولوية اليوم، يمكننا بالأموال ذاتها وضع برامج لمحاربة البطالة، عوض زيادة 500 درهم شهريا لكل موظف.


برجال:


بالنسبة للسؤال المتعلق بما إذا كان لحركة 20 فبراير دور في الحراك الاجتماعي وإعطاء دينامية جديدة للأحزاب، أعتقد أن الحسنة التي لا يختلف فيها اثنان، في ما يخص حركة 20 فبراير، هي أنها سلطت الأضواء على الشباب الذي كان هو السبب في تهميش نفسه، إذ كان لا يشارك في الانتخابات ولا يصوت، وكان ينتقد الأحزاب السياسية، وتفاجأت اليوم من هذا الكم الشبابي الهائل غير المنخرط في الأحزاب السياسية، ولا أي شيء من هذا القبيل، هؤلاء الشباب سرعوا فقط الإصلاحات التي كانت من صميم مطالب الأحزاب السياسية، ولما ظهر الشباب لفتوا أنظارنا، لأنهم تحدثوا عن مشاكل حقيقية، لكنه مع الأسف، ركبت بعض الأحزاب على هذه الموجة الشبابية، ولم يبق الخطاب نابعا من القلب، وللأسف المتلقي المغربي العادي له القدرة على التمييز بين خطاب صادق حقيقي وخطاب مزيف، للأسف "زيف" هذا الخطاب، وأطلب من هؤلاء الشباب ألا يصبحوا أداة في أيدي أحزاب سياسية تتلاعب بآمالهم وطموحاتهم، ولدي ملاحظة ثانية على حركة 20 فبراير، نحن الآن أمام ورش كبير هو الإصلاح الدستوري، لذا على هؤلاء الشباب التقاط الإشارات التي جاءت في الخطاب الملكي لتاسع مارس، وأنا لا أفهم لماذا رفض شباب 20 فبراير الجلوس مع اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور، وأظن ألا عذر لهم الآن، بل عليهم أن يستمروا من خلال الانخراط في الأوراش المفتوحة اليوم، لكي لا يفقدوا المصداقية.


• هل سبق للأحزاب التي تمثلونها أن تقدمت بمقترحات للتعديلات الدستورية؟


الخياري:


يجب أن نكون واضحين أكثر، قلنا "عهد جديد لا بد له من دستور جديد"، إذن نحن لم نكن بحاجة إلى إرسال مذكرات، نحن قلنا لأول مرة في تاريخ المغرب إنه من الممكن إعداد دستور دون صراع بين القصر والأحزاب السياسية، لم نقل نقترح دستورا لكن موقفنا واضح في هذا الباب.


• دعني فقط أكمل الشق الثاني من سؤالي، هل استحضرتم أي خطوط حمراء في التعديلات التي تقدمتم بها أمام لجنة المانوني؟


أشهبار:


أعد حزبنا مقترحات للإصلاحات الدستورية خلال مؤتمره الأول بشكل واضح ومدقق ونشرت في الصحف الوطنية، فمثلا في مسألة الهوية واللغات أراد حزب التجديد والإنصاف دسترة لغتين رسميتين وطنيتين، هما الأمازيغية والدارجة المغربية، وطالبنا كذلك بدسترة الجهوية، طرحت سؤالا حول هل أعددنا مذكرات في وقت سابق نعم فعلنا، لقد أعددنا مذكرة مشتركة مع رفاقنا في التحالف من أجل الديمقراطية، وهو تحالف يضم خمسة أحزاب ما زلنا ننتمي إليه إلى اليوم، طالبنا في المذكرة بإصلاحات دستورية، وأرسلناها إلى الديوان الملكي، حددنا فيها نوع الإصلاحات.


وفي ما يخص الشق الثاني من سؤالك، لم تكن لدينا أي خطوط حمراء باستثناء ثوابت الأمة، التي لا نعتبرها خطوطا حمراء، بل منطلقات للتأسيس للأمة، باستثناء هذه النقطة لم تكن لدينا أي حواجز وناقشنا جميع النقط، التي أردناها بكل حرية.


الخياري:


بالنسبة لسؤالكم حول الخطوط الحمراء، لم تكن لدينا أي خطوط حمراء، وأعتقد أنه اليوم، ومن خلال الندوات المفتوحة في كل مكان، هناك هروب إلى الوراء، إذ من الناس من يتحدث عن إصلاح الدستور، في حين أن الدستور الحقيقي غير مطبق لأن مشكل المغرب وسنعود له في ما بعد، المشكل يكمن في ممارسة الدستور وليس في الدستور، فكيف يمكننا معالجة هذا المشكل الدستوري، وقد عشنا ونحن صغار هذه الأوضاع تقريبا في كل 5 أو 6 سنوات عندما تتعطل الأشياء نقول الخلل في الدستور، نريد أن نضع حدا لهذا المشكل لفتح المجال أمام نقاشات حقيقية حول أسئلة اجتماعية صحية اقتصادية .... هناك بالنسبة لنا ثوابت البلاد ونحن أضفنا لها ثابتا آخر هو النظام الديمقراطي، "حنا بلاد فيها الإسلام وفيها الملكية وفيها الوحدة الترابية وفيها الديمقراطية" لأننا نعد دستورا بالنسبة للمغرب وليس للجزائر أو تونس أو مصر.


ولا يوجد أي شيء اقترحناه أمام اللجنة دافعنا عنه ولا نؤمن به لكي نكون واضحين، حتى تصور جلالة الملك واختصاصاته كما تصورناه اقترحناه بكل حرية وأريحية، وليست لدينا أي خطوط حمراء.


بشرى برجال:


ناقشنا، في المكتب السياسي للاتحاد الدستوري، بشكل مستفيض، ورقة المطالبة بمراجعة الدستور، كما طرحنا سؤالا حول الجدوى من هذه المطالبة، لكن الهاجس، الذي كان لدينا، هو كيفية تطبيق نصوص الدستور، ونرى أنه من الأولويات، التطبيق الفعلي لنصوص الدستور على أرض الواقع، وهذا هاجس نحمله داخل الحزب، لأننا نؤمن أن المهم ليس تغيير الدستور، أو تضمين منظومة جديدة في الدستور، أو إدخال إضافات جديدة على الفصول، بل إن الهاجس الحقيقي هو تغيير العقلية والثقافة التي تتعامل بالدستور، وهذا هو التحدي الذي يراودنا في الحزب. الآن، نعتبر ما قمنا به خطوة أولى في بداية الطريق، ومهمتنا لا تقتصر على إعطاء تصور للدستور، وينتهي الأمر، بل الهاجس الأكبر هو تطبيق فصول الدستور، وإنزالها إلى أرض الواقع.


وفي ما يخص مقترحات الأحزاب، وما إذا كان لها خطوط حمراء، نقول نعم، لنا خطوط حمراء، أما في ما يخص التوابث المتعارف عليها، وحتى المواثيق الدولية، قلنا بشأنها ما لم تتعارض مع الخصوصية المغربية، ومن غير هذا، لا يوجد في مقترحاتنا خطوط حمراء.


بالنسبة للسؤال حول حركة 20 فبراير، وهل أحدثت دينامية داخل الأحزاب؟ أقول نعم، خلقت دينامية داخل الاتحاد الدستوري، وهذا لا يحيل على أنه لم تكن حركية في صفوف الحزب، فقد خلقنا داخل الحزب منتديات، تعد بمثابة مؤسسات ومنظمات موازية للشباب، وعندنا، مثلا، منتدى الفن والثقافة، والمنتدى الليبرالي للأبحاث العلمية، ومنتدى الصحة، ومنتديات أخرى في طور التأسيس.


هذه المنتديات يترأسها شباب، وتستقطب شبابا، ولقيت رواجا. لكن، مع ذلك، وحتى نكون صادقين مع أنفسنا، حتمت علينا حركة 20 فبراير أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة، لأن الخلل موجود، ولا أحد يمكن أن ينكر وجوده، وربما نحن جميعا مساهمون فيه. لقد استوجب الأمر الوقوف لتأمل أين يوجد الخلل، لأن الحركية كانت مدعاة للتأمل، ومعرفة مكامن الخلل والأخطاء.






*وهل وجدتم الخلل؟


- نعم.


* الآن، توجد الدينامية، فكيف للأحزاب أن تواكبها؟


أشهبار:


أريد أن أعود إلى السؤال الذي لم أجب عنه. بالنسبة لحركة 20 فبراير، اعتبرناها، في حزب التجديد والإنصاف، حركة صحية، وفي حزبنا، بمجرد سماعه بميلاد هذه الحركة، راقبناها. وبالنسبة لشبيبة الحزب، التي تحمل اسم "منظمة الشباب والمستقبل"، انخرطت في الحركة، بعد الاستشارة مع قيادة الحزب. وتجندت هياكل الحزب لمعرفة محتويات هذه الحركة، ومعرفة من هي. وبعد مشاورات عديدة، وتحليل تركيبة حركة 20 فبراير، تولد لدينا إحساس بالفخر من مكونات هذه الحركة، وما رأيناه.


هناك أحزاب انخرطت في هذه الحركة، وأحزاب وضعت مسافة فاصلة بين منظماتها ومكونات الحركة، وبالنسبة لنا، تركنا لأعضاء الحركة مسافة للتعبير عن مواقفهم ومطالبهم. وبتاريخ 20 مارس، نزلت بمفردي في الدارالبيضاء، ولم أطلب من أعضاء الحزب مرافقتي، ففوجئت بالنضج، الذي أبان عنه منظمو المسيرة، والكيفية التي يعبرون بها عن مطالبهم، المعروفة مسبقا، إلا أنهم لم يكونوا يحسنون التعبير عنها في الفترة السابقة.


في جميع الأحوال، وصلت الأحزاب والنقابات وحركة 20 فبراير إلى مرحلة التلاقي مع مضمون خطاب 9 مارس، وأعتقد أن بداية هذا التلاقي والتمازج هو التأسيس لتعاقد سياسي جديد، بمقومات وأساليب تستحضر طبيعة المرحلة، وهذا ما لم نستطع بلوغه كسياسيين في الفترة السابقة، أو لم تكن لدينا الرغبة لبلوغه، بعدما نزل مؤشر العمل السياسي إلى مراتب دنيا، والآن، هذه هي أنسب فترة لإعادة القيمة للعملية السياسية في المغرب.


بالنسبة لحزب التجديد والإنصاف، جالسنا اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، الاثنين الماضي (11 أبريل)، وسلمناها النسخة النهاية للائحة التعديلات الدستورية، التي صادق عليها المجلس الوطني للحزب، ومن بين التعديلات المتضمنة في وثيقة الحزب، مناقشة ما يدور في الساحة الوطنية على أوسع نطاق، وإشراك كافة المواطنين في هذا الحراك، الذي يشهده المغرب حول التعديلات الدستورية.


* ألا ترون أن من واجب الأحزاب، في هذه الفترة، الانخراط في تعبئة المواطنين، لتقريبهم من الحراك الجاري بشأن تعديل دستور البلاد؟


شاكر أشهبار:


بطبيعة الحال، يجب على الأحزاب إطلاق تعبئة وطنية ودولية، باعتبار أن حوالي أربعة ملايين ونصف مليون من المواطنين يعيشون خارج المغرب. وهذه الحملة يجب أن تمول من طرف الدولة، ويجب أن تسمح للأحزاب وذوي الضمائر الحية والجمعيات والنقابات بالتعريف بهذا المسلسل، وشرح مضامينه لأوسع شريحة من الناس.


برجال:


بالنسبة لسؤال كيف ستواكب الأحزاب الدينامية الحاصلة الآن في الحقل السياسي، يمكن القول إن هناك إجراءات عدة مواكبة ومصاحبة، فمثلا في ما يخص حزب الاتحاد الدستوري، بدأنا من التفكير في إعداد مشروع الوثيقة الدستورية، التي تقدم بها الحزب للجنة الاستشارية، مباشرة بعد الخطاب الملكي، إذ كانت هناك ورشة عمل بالنسبة للحزب، الذي اجتمعت هياكله لمعرفة الأشياء، التي تنقصنا في هذا المشروع. وبعد مجموعة من اللقاءات الموسعة، شرحنا للجنة الإدارية للحزب أهداف الإصلاح ومقترحاتنا، وماذا نتوخى من هذا الإصلاح، أي أننا جعلنا من هذه العملية مادة للتحسيس بالوعي والمواطنة، من أجل إذكاء هذه الروح لدى مناضلي الحزب.


وكما قال شاكر أشهبار، قبل قليل، هذا الدستور يهمنا جميعا، باعتبار أن هذا شأن وطني، يخص جميع المغاربة.


بالنسبة للمقترحات الموجهة للجنة الاستشارية، أعتبر أن الأحزاب ليست مدعوة لأن تتجند، كما تفعل قبيل الانتخابات، وتشرح المقترحات، لأن جميع الأحزاب قدمت مقترحاتها، وهذا من شأنه أن يضعف جهة على حساب أخرى، كما يمكن أن يضيع فهم المتتبع في التفصيل، وهذا ليس هو المهم، فالمهم هو توحيد الرؤية والاجتماع حول الموضوع.


الآن، جميع الفعاليات، تقريبا، قدمت مقترحاتها للجنة الاستشارية، ومن الحكمة أن نترك للجنة مجالا للخروج بخلاصات توحدنا. أما الأحزاب، ففي هذه المرحلة المهمة، ينبغي عليها أن تتعبأ لنشر معايير المواطنة.


* مباشرة بعد خطاب 9 مارس، لاحظنا أن بعض الأحزاب تعاقدت مع خبراء في القانون الدستوري لإعداد مذكرات دستورية لحسابها، كي تقدمها للجنة الاستشارية المكلفة بتعديل الدستور؟


التهامي الخياري:


هذه المسألة يجب أن تطرحها على هذه الأحزاب، التي، حسب سؤالك، ربما لا يهتم بها أحد. كما قلت قبل قليل، يجب ألا نضع كل الأحزاب في سلة واحدة، فهناك اختلاف بين كافة الأحزاب، حيث إن هناك أحزابا تشتغل طوال أيام السنة، وهناك أحزاب تجتمع خلال الانتخابات، وأخرى تولدت لها فكرة أنها حزب صغير.
جوابا على السؤال، لا أعرف هذه الأحزاب، التي تعاملت، خلال الفترة الماضية، مع خبراء لنجدتها بإعداد مذكرة دستورية، قدمتها للجنة الاستشارية.


وبالنسبة لحزب جبهة القوى الديمقراطية، قدمنا مذكرتنا الدستورية خلال اليوم الثالث، ولم نتعاقد مع أي خبير أو أي أستاذ للقانون الدستوري، خارج حزبنا.


* تضمن خطاب صاحب الجلالة دعوة إلى الأحزاب من أجل الخلق والإبداع، أين تتجلى هذه الدعوة في مقترحات الأحزاب؟


شاكر أشهبار:


أريد أن أوضح فكرة أساسية، نعلم أن مقترح كل حزب على حدة، إضافة إلى مقترحات خمس نقابات، لن يتضمنها جميعها الدستور الجديد، لكن الضروري أن ندافع عن مشروعنا، وإذا تبين لنا أن المشروع تضمن معظم ما طالبنا به، يجب أن نشجع المواطنين على التصويت على هذا الدستور، أما إذا لم يتطرق هذا المشروع إلى نسبة مهمة من هذه المقترحات، فيجب أن نفسر للمغاربة، أولا، مضمون هذا الدستور، وبعدها، هم مخيرون بين التصويت بنعم أو بلا.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017