آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الخلفي: النقاش الدستوري والمستقبل السياسي للمغرب

الخلفي: النقاش الدستوري والمستقبل السياسي للمغرب



مصطفى الخلفي*


انتهت الجولة الأولى من النقاش الدستوري بعد أن قدمت القوى الحزبية الفاعلة والمعتبرة مذكراتها ونحن الآن على مشارف جولة ثانية ستتم هذا الأسبوع بتقديم النقابات لتصوراتها، وما تواجهه من تحدى بلورة الضمانات الدستورية الكفيلة بحماية الحقوق الاجتماعية والنقابية والاقتصادية وتأطير السياسيات والتشريعات بها من ناحية، وكيفية استثمار المراجعة الدستورية لبناء جهوية اجتماعية وحكامة اقتصادية جديدة قائمة على العدالة في توزيع الثروة ومكافحة الفساد.
ثمة حوار وطني متصاعد حول قضايا الإصلاح الدستوري من
الواجب تثمينه وتقديره لما أفرزه من دينامية أولية، لكن ينبغي التأكيد أن هذا الحوار لم يتحول بعد إلى رافعة لمسار إصلاح تصاعدي وطني، رغم ما أثير في هذا الحوار من أفكار ومقترحات جاذبة وذات مصداقية ومؤشرة عن تطلع لبناء مغرب ديموقراطي جديد، ولهذا ثمة حاجة لخطاب صريح إزاء التحديات التي قد تجهض هذا المسار وتفرغه من محتواه وتهدده بالانحراف.
إن هذا الحوار مستهدف من جانبين، الأول من التردد في الإعلان الشمولي عن سياسات إجراءات الثقة وتنزيلها بمنطق الجرعات الصغيرة، والثاني من استهداف جهود بناء يقظة شعبية لضمان تنزيل مقتضيات الإصلاح السياسي الشامل، وخاصة في ظل التباينات القائمة في المواقف بين مجموع الفاعلين في دينامية ما بعد 20 فبراير.
من الملاحظ وجود منطقين، الأول كامن ويراهن على مرور ما يعتبره موجة احتجاج من أجل الانقلاب على التطلعات الإصلاحية الشبابية والشعبية ويعتبر ورقة الإصلاح الدستوري كافية لتمضية الموجة، ومنطق آخر ظهر بجلاء في خطاب 9 مارس وهو منطق يعلن طي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة في التطور السياسي للبلاد وأنتج حالة طمأنة في صفوف المجتمع حول مستقبل الإصلاح، وحالة التردد المشار إليها آنفا نجمت عن التوتر القائم بين هذين المنطقين والذي بدون إنهائه فإن الجرعات الصغيرة لبناء الثقة تفقد أثرها، هذا في الوقت الذي شكلت المواقف الحزبية بخصوص مضامين المراجعة الدستورية دفعة للمضي قدما في إجراءات الثقة وتفكيك إرث السلطوية الحزبية والسياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والإفراج على المعتقلين السياسيين وضحايا محاكمات الإرهاب.
إن الحراك الشبابي والشعبي فاعل في بناء اليقظة اللازمة لدعم مسار الإصلاح، وحالة اليقظة هاته تؤطرها في هذه المرحلة عدد من المواقف والمبادرات التي صدرت وآخرها بيان "التغيير الذي نريد" وقبلها مبادرة "نداء الإصلاح الديموقراطي" وكذا "نداء التغيير الديموقراطي السلمي"، كما تؤطرها مواقف أخرى تعتبر أن خيارها يتجاوز رهان الإصلاح الدستوري المطروح اليوم ولا ترى نفسها في المبادرات السابقة، وهو النقاش الذي يخترق اليوم الحراك الشبابي، وكل تردد في مسار بناء الثقة الشاملة وتفكيك إرث السلطوية يخدم في نهاية المطاف هذه التوجهات الأخيرة.
المغرب مدعو لقراءة عميقة للمرحلة التاريخية التي تمر بها المنطقة العربية، وما يقع في سوريا هذه الأيام إنذار آخر، فهذا زمن إعادة الاعتبار للشعوب، وعلينا ان نحقق ذلك بشكل إرادي وحقيقي أم أننا سنجد أنفسنا تحت ضغط التحول القسري، والذي قد يقع بشكل مفاجئ لكل الذين توهموا القدرة على الالتفاف أو احتواء تطلعات الشعوب نحو الإصلاح، وللخروج من خطر الاستيقاظ على وقع هذا التحول القسري فإن الخيار المتاح والممكن اليوم هو بناء الثقة في الشعوب.


*افتتاحية التجديد 4 أبريل 2011



عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017