آخر الأخبار

جاري التحميل ...

جرس إنذار

جرس إنذار

توفيق بوعشرين





المعلومات القليلة التي تتسرب من الاجتماعات المغلقة للجنة تعديل الدستور، التي يرأسها عبد اللطيف المنوني، لا تبعث على الارتياح، وجل الآراء التي يعبر عنها أغلبية أعضاء لجنة الـ19 آراء «محافظة»، «خجولة»، وأفقها محدود، ولا ترى أن هذه مناسبة ربما لن تتكرر لوضع دستور عصري للبلاد، يضع المغرب على سكة الانتقال الديمقراطي المعزز بوثيقة دستورية تحرر المجال السياسي من القيود التاريخية التي وضعها دستور الحسن الثاني في أرجل المغاربة...
أكثر من عضو داخل لجنة تعديل الدستور لم يتابع أشغال اللجنة،
ولا حضر لقاءات الأحزاب والنقابات والجمعيات والشباب مع اللجنة، وكأن العضوية في هذه اللجنة شرفية، وربما مقدمة لمناصب أخرى، وهذا أحد أعطاب هذه اللجنة التي دعي إليها رجال ونساء لهم طموحات مشروعة وغير مشروعة، ربما تقف أمامهم وهم يناقشون الفصل 19، وصلاحيات الملك، وتركيبة المجلس الأعلى للقضاء، واختصاصات الحكومة والبرلمان. لقد اختار مستشار الملك، محمد المعتصم، منهجية خاصة في وضع لائحة أعضاء لجنة تعديل الدستور وهذا ما جر على اللجنة انتقادات كانت في غنى عنها، معتصم لم يختر منهجية وضع «حكماء كبار» في اللجنة، مستقبلهم وراءهم لا أمامهم، وأفواههم ليس فيها ماء، وألسنتهم متحررة من الخوف على «مشاعر» من اختاروهم لهذا المنصب... وحتى لا نظلم جميع من في لجنة المنوني، فبعضهم تتوفر فيه مواصفات الحكمة والتجرد، لكن هؤلاء أقلية وسط اللجنة.
قد يقول قائل إن اللجنة محكومة بخطاب 9 مارس، وبمطالب الأحزاب والنقابات والشباب. لهؤلاء نقول إن إنزال مبادئ خطاب 9 مارس فيه عدة مستويات، وإن ترجمة المبادئ إلى فصول ومواد يمكن أن تتم بجرعات متفاوتة.
توفيق بوعشرين
فمثلا، عندما يقول الملك في خطاب 9 مارس في المرتكز الرابع من المرتكزات المرجعية التي حددها لعمل اللجنة، ما يلي: «توطيد مبدأ الفصل بين السلط وتوازنها»، وعندما يقول الخطاب الملكي في البند الثاني من نفس المرتكزات: «الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري».
هذه التوجيهات العامة قد يرى شخص ديمقراطي ينظر بعيدا أنها أسس ميلاد سلطة قضائية مستقلة، وأن فصل السلط يحتم ألا يكون الملك ولا وزير العدل عضوين في المجلس الأعلى للقضاء، وأن يكون جميع أعضاء المجلس منتخبين من وسط القضاة ومن وسط آخرين لهم دور كبير في هذا المجلس الذي يريد بعض القضاة –سامحهم الله- أن يحولوه إلى طائفة مغلقة على أتباعها
عندما يقول الملك في البند السادس: «تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة»، فهذا يعني أن دستور مغرب الغد لن يكون سوى دستور الملكية البرلمانية التي لا تُحاسب ولا تراقب لأنها ببساطة تسود ولا تحكم. في مقابل هذه القراءة العقلانية والديمقراطية لخطاب الملك، هناك قراءات أخرى -تجري هذه الأيام بغزارة وسط لجنة المنوني للأسف- تلتف على مطالب الإصلاح، وتتوسل تقنيات عدة لإبقاء سلطات كبيرة للملكية في الدستور القادم، ولكنها سلطات غير ظاهرة، يجري زرعها بين شقوق الكلمات وغموض الصياغات، وهذه السلطات لا ترى بالعين المجردة، لكنها ستظهر غدا عندما يحين أوانها.
بعض أعضاء لجنة الـ19 يغفلون عن حقيقة كبيرة وخطيرة في آن واحد، وهي أن الملك قرر دفع فاتورة التغيير من صلاحياته، وأنه لا شيء اليوم –للأسف- سيقنع حركة 20 فبراير ومغاربة كثيرين، لا يخرجون في مسيرات 20 فبراير، بالعدول عن التظاهر سوى عقد اجتماعي جديد، والدستور واسطة هذا العقد... إن رفاق المنوني دخلوا إلى تاريخ المملكة، والآن بيدهم أن يختاروا أي غرفة في التاريخ سيسجلون فيها أسماءهم...





عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017