آخر الأخبار

جاري التحميل ...

«ثورة الحرير» المغربية، نموذج للعالم العربي؟

«ثورة الحرير» المغربية، نموذج للعالم العربي؟





اليكسندر ادلر

في الوقت الذي تغرق ليبيا وسوريا في أثون الحرب الأهلية، وبينما تتخبط مصر وتونس في امواج الانتقال الديمقراطي, يبرز في الأفق قطبان للاستقرار وسط هذه الحمى التي تجتاح العالم العربي. الأول في الشرق ويتشكل من العربية السعودية والمملكات التابعة لها في الخليج، والثاني في اقصى غرب العالم العربي الذي يبدي، حتى الآن، صلابة سياسية لم تكن متوقعة.
هذا الاستقرار المغاربي يعبر عن ذاته حتى الآن، من خلال الحكمة السياسية، التي تبدو ظاهريا متناقضة لكنها في الحقيقة متكاملة، بين المغرب والجزائر. وبخصوص الجزائر يمكن أن نلاحظ بسرعة التمازج المثير بين مكامن القوة والضعف، الذي تمكن حتى الآن من الاشتغال بتناغم حتى وإن كان هناك غياب واضح لديناميكية اجتماعية بناءة.
الظرفية التي يعيشها المغرب مختلفة تماما. فعائدات المواد الأولية - باستثناء الفوسفاط - كانت دائما ضعيفة، وبالتالي راهنت البلاد قبل كل شيء على القدرات الانتاجية لصناعتها التقليدية وعلى الصناعات الاستهلاكية التي تحقق تقدما ملموسا وعلى انفتاح على العالم, يترجم اليوم من خلال سياسة مهمة. ولكن في المحصلة، وبعدد سكان مماثل، لم تتوفر للمغرب نفس التسهيلات المالية التي توفرت دائما للجزائر. ورغم ذلك فإن هذا البلد الصعب هو الذي يحمل اليوم أ كبر الآمال السياسية التي يمكن ان نتصورها لمغرب عربي بدأ طريقه الى الوحدة.
في اساس كل هذا، نجد هذه الملكية العلوية الفريدة التي استطاع الملك محمد الخامس إعادة بناء اسسها من خلال الكفاح من أجل الاستقلال خلال سنوات 1950 هذا التوافق التاريخي استمر حتى اليوم رغم التشنجات العنيفة لسنوات 1970 التي اضطر الحسن الثاني تدبيرها بصعوباتها.
لكن العقد الاساسي الذي يربط بين ملكية حداثية واحزاب وطنية و اشتراكية تعترف بشرعيتها, لم ينفرط حقيقة لا من هذا الطرف او ذاك، باستثناء فترة زمنية قصيرة. وهذا المناخ التعددي، ولو جزئيا، هو الذي يسمح لمحمد السادس اليوم بتحويل إرثه من خلال تجدير الخيار الديمقراطي وارساء اطار جديد سيغير كليا معطيات المعادلة.
وبدل الرضوخ لتهديدات الشارع، أخذ الملك المبادرة في اطار استمرارية ارث ملكية مغربية لا تجادل فيه حقيقة سوى اقلية من التيار الاسلامي. وبالتالي اقترح انجاز انتقال نحو ملكية برلمانية تتكون فيها الهيئة التشريعية المنبثقة عن الاقتراع العام سلطة حاسمة في قيادة سياسة البلاد، وفي نفس الوقت اقترح ان تبقى بيد القصر بعض السلط التي يتفق الرأي العام على منحه اياها. وما تبقى سيكون خاضعا لارادة رأي الاغلبية التي ما فتئت دوائر نفوذها تتوسع. فمنذ 1974 اعاد الحسن الثاني لاحزاب المعارضة شرعيتها، وبعد وفاته، وسع خليفته محمد السادس من مجال حرية الرأي والاكراهات السلطوية في تسيير شؤون الدولة.
والان يمكن ان نتيقن بأن الاقتراع العام الحر و السري سيصبح هو الحاسم. لكن التناقض القائم هو ان الاحزاب القديمة بما فيها الاحزاب الاشتراكية وبعد ان مارست ما يشبه السلطة تأثرت سلبا بشكل كبير. والاجيال المغربية الجديدة تريد خلق بنيات سياسية جديدة مازالت غير موجودة حتى الان باستثناء تياري الاسلام المعتدل، والحركات الامازيغية، اللذان يبحثان عن الوحدة. وبين هذين التكتلين سيكون وزن الوسط واليسار التقليدي اقل, لكنه سيكون لا محالة حاسما في تشكيل التحالفات. حتى الان يبدو ان الرأي العام المغربي متصالح مع «ثورة الحرير» هذه التي يقودها الملك. ومن الواضح ان نجاح التجربة المغربية قد يكون له تأثير فوري على التحول السريع والعنيف في تونس، البطئ وغير المضمون في الجزائر. حتى الآن، ومرة أخرى في تاريخه يبدو ان المغرب يريد ان يقول لنا ان سياسة الاسوأ ليست قدرا وان الحلول البراغماتية يمكن أن تنتصر.
ترجمة محمد خيرات
عن الفيغارو
6/30/2011

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017