آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مأزق المعارضين للدستور في مواجهة نتائج الاستفتاء

مأزق المعارضين للدستور في مواجهة نتائج الاستفتاء





- بقلم محمد يتيم
كما كان متوقعا شن الذين تبنوا موقفا معارضا للدستور منذ البداية وحتى قبل أن تبدو ملامحه حملة مضادة للتشكيك في نتائج التصويت الشعبي على الدستور يوم الجمعة فاتح يوليوز 2011 ودعوا إلى مواصلة النضال لإسقاطه، كما صرحت إحدى الواجهات الحقوقية مقربة من مجموعة يسارية راديكالية أنها تستعد لإعداد تقرير يكشف الخروقات التي حصلت خلال عملية التصويت، كل ذلك كمحاولة لإيجاد مخرج من المأزق السياسي الذي وجدوا فيه أنفسهم، وكي نشرح مظاهر هذا المأزق نناقش حجج المعارضين ونكشف عن تناقضاتها ومفارقاتها، فإذا اتضحت كان من الشجاعة أن يقروا أن الشعب المغربي قد ارتضى خيارا آخر في الإصلاح أي خيار الإصلاح مع الاستقرار، وخيار التغيير مع تجنب المغامرة، وأن التصويت على الدستور ليس إلا
خطوة في نضال طويل، وأنه إذا اختلفت التقييمات في هذه المرحلة واختلفت السبل فينبغي الاجتماع علي برنامج المرحلة القادمة أي برنامج التأويل الإيجابي للنص الدستوري في اتجاه تعزير الخيار الديمقراطي ـ خيار معركة نزاهة الانتخابات، خيار مقاومة الفساد ومراكز مقاومة التغيير.
خياران أحلاهما مرالواقع أنه لم يكن هناك أمام هؤلاء أي خيار آخر، أي أنهم وجدوا أنفسهم بين خيارين لا ثالث وأحلاهما مر: الأول الاعتراف بأن الشعب صوت إجمالا لفائدة الدستور، وهذه هي الحقيقة المرة بالنسبة لهم بغض النظر عن الخروقات الحاصلة هنا وهناك وبغض النظر عن نسبة نعم، وهذا سيكون اعترافا بعزلتهم وكونهم لا يمثلون إلا أقلية بين الشعب المغربي، وأنه لم يعد بإمكانهم الحديث بلغة الوصاية على الشعب، أو أن الشعب على لسانهم "يريد"، وإما أن يتمسكوا بأطروحة التزوير أي أن الشعب في الأصل لم يصوت بـ: "نعم" وإنما بـ "لا"، وأن لا قد تحولت بفعل تدخل المخزن والإدارة إلى نعم، وهنا مأزق آخر أي أن الشعب الذي حاولوا إقناعه بعدم الذهاب إلى مراكز الاقتراع، قد قرر شيئا آخر أي أن لا يستمع لأطروحة المقاطعة، وأنه ذهب لمراكز الاقتراع وقرر أن يقول لا، لكن الإدارة المخزنية بدلت "لاءه" نعم، وهذه أقبح من الأولى، أي أن ذلك يعني أنهم لا يمثلون الشعب في شيء وأنه أي الشعب الذي صوت بنعم كان أكثر وضوحا وأقل ضبابية وميكيافيلية، ولم يعمل بمنهجهم حين دعوا إلى المقاطعة كي يحسب كل مقاطع اقتناعا أو تكاسلا أو عزوفا عليهم.
الطامة الكبرى أن عددا من الداعين إلى المقاطعة كلما أصروا على ادعاء التزوير للنتائج أي كل ما قالوا بأن نسبة "لا" كانت أكبر مما خرج في بيان وزارة الداخلية، كان ذلك حجة عليهم أي أن ذلك يدل على أن موقف المقاطعة لم يكن مسموعا، وفي كلتا الحالتين يتضح المأزق السياسي للرافضين لنتائج الدستور.
مواقف رافضة مسبقة وليس مواقف من النص الدستوري
وبالعودة إلى التركيبة الغالبة للداعين إلى المقاطعة، وبتحليل الخطاب والمواقف السياسة لعدد كبير منهم فإنه من الممكن تسجيل المعطيات التالية:
ـ أغلب مكونات هؤلاء لم يتعاملوا مع النص الدستوري بالمقارنة مع دستور 1996 أو بقراءة في مضامينه ومدى تقدمه في تقرير مسؤولية الحكومة وفصل السلط واستقلال القضاء، ولم يحكموا عليه بدرجة التقدم فيه أو بنسبة التراجع وتخييبه للآمال، لكنهم انطلقوا من مواقف مسبقة عبرت عن نفسها من خلال عدة منطلقات دوغمائية لا تتناسب مع المعطى المغربي منها كون النص الدستوري دستور ممنوح، وأنها لن تقبل بأقل من دستور ناتج عن مجلس تأسيسي، مع العلم أن قضية المجلس التأسيسي إنما تفرض نفسها في سياق الشرعية الثورية التي هي حال الدول التي أنجزت ثورتها الشعبية.
في مناقشة أطروحة المجلس التأسيسي
ويبدو من الغريب فعلا ـ أن نتصور في السياق المغربي ـ أن تجلس كل الأطراف السياسية على طاولة واحدة بما في ذلك ممثلو الملك أو الملك نفسه كي يتفقوا على شكل النظام السياسي الذي يريدون وهل هو الملكية البرلمانية، أو النظام الجمهوري أو غيره.
ويبدو أيضا من الغريب جدا كيف يمكن تصور انتخاب هذه الجمعية التأسيسية انتخابا ديمقراطيا ومن الذي سيشرف على هذه الانتخابات ومن الذي سيضمن أن لا يسيطر المفسدون وأباطرة الانتخابات على نتائجها، وغير تلك من الأسئلة التي تطرح على الدول التي أنجزت ثورتها بحدة، وتشكل إحدى التحديات التي تهدد مسار الثورة ويمكن أن تنتهي بانقلاب عليها وإجهاضها كليا أو جزئيا.
الانطلاق من فكرة قبلية تقوم على رفض الدستور الممنوح، يعطي بالتبع رفضا لنتائج أي استفتاء دستوري أيا كانت نتائجه، ومن ثم من الطبيعي أن يبحث الرافضون المقاطعون على أية قشة كي يتمسكوا بها في رفض النتائج من قبيل الطعن في سلامة عمليات الاقتراع، والواقع أن هذا الطعن يفترض سلفا التسليم بإمكانية التصويت على نص دستوري من خلال الحكم على مضمونه وليس من خلال طريقة وضعه، في حين أن هؤلاء منطلقون أصلا من فكرة أن الدستور ممنوح، ومن ثم فإن الحديث عن توابع ولواحق طريقة وضع الدستور هو تحصيل حاصل ولا يضيف إلى النقاش السياسي قضية، وإنما يصادر على المطلوب أي الموقف الأصلي الرافض لدستور من هذا القبيل.


نقلا عن جريدة التجديد




عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017