آخر الأخبار

جاري التحميل ...

افتتاحيات أخرى : الجميع يحيي الملك الديمقراطي

افتتاحيات أخرى : الجميع يحيي الملك الديمقراطي





ترجمة: عبد الله أوسار
بقلم: أحمد الشرعي(*) وجوزيف برود (**)
لم يعد من المستجد أن يقوم حاكم عربي يواجه مظاهرات شعبية، بالتعهد بتبني إصلاحات شاملة
. غير أن الاستفتاء الدستوري الذي شهده المغرب في فاتح يوليوز، قد يكون أكثر التطورات دلالة في العالم العربي على امتداد هذا الصيف. فللمرة الأولى منذ بداية الربيع العربي، ترحب فئات واسعة من الشعب بإصلاحات قائده وتقلل من حدة المظاهرات المناوئة للحكومة. فخلال أسابيع قبل الاستفتاء، خرج أكثر من مائة ألف شخص إلى الشوارع، غير أن عددهم لم يتجاوز عشرة آلاف بعد الاستفتاء.
ولقد صادقت أغلبية واسعة من المغاربة على الدستور الجديد، الذي يدعو الملك محمد السادس إلى التخلي عن نصف سلطاته لرئيس وزراء يتم تعيينه من داخل حزب الأغلبية في الحكومة ويضمن حقوق النساء وغير العرب، بمن فيهم الساكنة الأمازيغية الكبيرة في البلد.
ويبدو أن المغرب وجد نموذجا جديدا للانتقال السياسي. وإذا نجحت التجربة الدستورية، فستكون أمام البلد فرصة ـ وكذا مسؤولية ـ تولي دور القيادة الإقليمية الذي طالما تولته مصر.
كما أن غالبية أحزاب المعارضة البرلمانية، بما فيها أبرز حزب إسلامي،أيدت الدستور. ولقد حظيت الأطراف الرافضة للدستور الجديد، بما فيها الجماعة الإسلامية الراديكالية التي تستهدف إسقاط الحكم من أجل إقامة الخلافة، بفرصة شرح موقفها عبر الإذاعة والتلفزيون العموميين. ويرى بعض المسؤولين أن هذا الانفتاح الجديد يعتبر قوة إضافية من أجل الاعتدال. وقال نوفل الرغاي، المدير العام للاتصال السمعي البصري: «كلما ازداد مرور المتطرفين عبر التلفزيون، إلا وازدادت سخافتهم. كان علينا أن نقوم بها منذ عشرين عاما».
ويفرض هذا الدستور، الذي ينص على اقتسام السلطة، مراقبة على الإسلاميين في حال فوزهم في الانتخابات. فإذا ما حقق الإسلاميون فوزا كاسحا، فإن رئيس وزراء جديد يسعى إلى فرض الشريعة ستكون له سلطة تعيين كل الموظفين المدنيين والإشراف على الأمن الداخلي. غير أن الإشراف على الجيش ومصالح الاستخبارات الخارجية سيظل بيد الملك. كما سيحتفظ الملك بدوره التقليدي كأعلى سلطة دينية في البلد . بمعنى أنه بإمكانه الوقوف أمام أية محاولة تروم استغلال المساجد، وسائل الإعلام والتربية الدينية من أجل فرض عادات دينية شوفينية.
ويهتم هذا الإصلاح الجديد بالصراع التاريخي القائم بين القيم والمصالح، وهو الأمر الذي ظل الغرب يواجهه في علاقاته مع المغرب. ولقد ظل البلد فاعلا بناء في الشؤون الإقليمية، غير أن لنخبته المستبدة الموالية للغرب سجلا مزعجا في مجال حقوق الإنسان ووقفت عائقا أمام إتاحة الفرص الاقتصادية والسياسية للغالبية الفقيرة. ومن شأن الدستور أن يسمح بظهور نخب جديدة وفتح الساحة السياسية.
ومن المهم لأمريكا وحلفائها أن يحقق المغرب هذا التوازن في وقت توجد فيه مصر في وضعية لا تسمح لها بلعب دور التمثيل الدبلوماسي على المستوى الإقليمي. ولقد كانت مصر، تحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك، تقوم بدور الجسر الرابط بين الملكيات العربية كالسعودية والدكتاتوريات العربية كسوريا وليبيا. لكن ثمة اليوم انقسام عربي جديد بين الدول الأوتوقراطية والدول التي تعيش انتقالا ديمقراطيا. والمغرب، كبلد في مرحلة انتقالية ، وكعضو مرتقب في مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده السعودية، هو الوحيد الذي يمكنه أن يرأب ذلك الصدع.
وفي الوقت الذي توسط فيه حسني مبارك بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لم تقم بعد الحكومة المصرية الجديدة ببلورة سياسة منسجمة بشأن ذلك النزاع، فبالأحرى أن تنال ثقة الطرفين معا. وفي المقابل، فإن للمغرب تاريخا في القيام بذلك الدور. فسنوات قبل أن تعمل مصر على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل سنة 1980، كان الحسن الثاني صلة الوصل بين إسرائيل وجيرانها. ولم يكن بُعد المغرب عن إسرائيل يشكل حينها عائقا كبيرا، كما أن ذلك العائق أضحى أقل تأثيرا في عصر التواصل الآني والشراكات الاستراتيجية العابرة للقارات.
وللمغرب أيضا علاقات تاريخية متجذرة مع اليهود: فالملك [محمد الخامس] وفر الحماية لمائتي ألف يهودي مغربي ضد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، كما أن ما يقارب مليون إسرائيلي لهم أصول مغربية ، بمن فيهم بعض المسؤولين السياسيين والعسكريين البارزين. وبإمكان المغرب الحصول على تنازلات من الطرفين معا أكثر مما استطاعت مصر تحقيقه في هذا الصراع.
ويشكل النموذج الدستوري المغربي الجديد مثالا واضحا للأردن، الذي يحوز فيه الملك أيضا على بعض السلطة الدينية ويحظى بنوع من الشعبية. وبالنسبة لمملكة البحرين السنية، فإن ميثاقا انتخابيا مشابها ينص على اقتسام السلطة بين السنة والأغلبية الشيعية قد يكون هو الحل الوحيد على المدى البعيد من أجل ضمان استمرارية الحكم في البحرين.
وقبل الاستفتاء، أصيب العشرات من المحتجين بجروح على يد الشرطة، وتوفي شخص واحد. ورغم أن هذا العنف غير مقبول، إلا أن الوضع يظل بعيدا للغاية عما عليه الأمر في مصر، حيث مات المئات، دون الحديث عن ليبيا وسوريا، اللتين قامت فيهما قوات أمن الدولة بقتل الآلاف.
ثمة اليوم تفاؤل كبير في المغرب. فقد عبر الملايين عن رغبتهم في الحرية والحصول على الفرص في إطار دستوري. إن كان البرلمان حريصا على ضمان تنفيذ الإصلاحات بشكل سريع، فإن بإمكان المغرب أن يكون مثالا للانتقال السياسي السلمي في العالم العربي.
(*) ناشر صحيفة «الأوبسرفاتور»
(**) كاتب وصحفي أمريكي
عن «نيويورك تايمز»


7/14/2011

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017