آخر الأخبار

جاري التحميل ...

القيادي في الاتحاد الاشتراكي للمساء :

القيادي في الاتحاد الاشتراكي للمساء :
لم يعد مسموحا أن يقول رئيس الحكومة
إنه يطبق توجيهات صاحب الجلالة في مغرب الدستور الجديد



حاوره - محمد أحداد
خيرات‭: ‬البرلمان‭ ‬المغربي‭ ‬فيه‭ ‬تجار‭ ‬مخدرات‭ ‬وشرطة‭ ‬‮«‬الأنتربول‮»‬‭ ‬تعرف‭ ‬أسماءهم
لا يتردد عبد الهادي خيرات، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، في القول إن البرلمان المغربي فيه تجار مخدرات، مستندا في ذلك إلى أدلة من مرصد أوربي.
ولم يقف خيرات عند هذا الحد، بل وصف، في هذا الحوار مع «المساء»، التعديل الوزاري الأخير الذي جاء بإدريس لشكر، القيادي في الحزب نفسه، على رأس الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان، بـ«التعديل التافه». وعن مستقبل تحالفات حزبه، لم يستبعد خيرات إمكانية التحالف مع إسلاميي العدالة والتنمية، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة إشراف وزارة الداخلية على الانتخابات المقبلة.
- قلت في تصريح سابق إن ربع أو ثلث أعضاء مجلسي النواب والمستشارين يتاجرون في المخدرات، هل ما زلت تتمسك بهذا التصريح؟
> بطبيعة الحال، لقد جاء هذا التصريح في سياق الإجابة عن سؤال طُرِح وقلت، حينها، إن هناك مجموعة كبيرة من محترفي «العشبة الخضراء» انتهى بهم المطاف إلى احتلال مؤسسة تكتسي حساسية بالغة في المغرب، ويتعلق الأمر بمجلسَي النواب والمستشارين. وأعتقد أن مثل هذه القناعة ليست اجتهادا شخصيا بقدْر ما هي حقيقة تنبني على تقارير لمرصد خاص أنشأه الاتحاد الأوربي لتتبُّع إنتاج وبيع وتصنيع المخدرات في المغرب وتقفّي آثار المتاجرين فيها. وقد اعتبر الاتحاد الأوربي، وهو يُقْدم على هذه الخطوة، أن هذه المخدرات موجَّهة لتدمير عقول أبنائه. ولذلك، فقد قام هذا المرصد بمد المغرب بلائحة بأسماء هؤلاء، وبالفعل، فقد أعطى الملك الراحل الحسن الثاني الأوامر بعدم ترشحهم للانتخابات. وليس سرا أن «الأنتربول» يعرفهم والمغرب يطارد بعضهم. غير أن تنصيص الدستور الجديد على رفع الحصانة عن البرلمانيين جاء ليقطع الطريق على تجار المخدرات لولوج البرلمان المغربي.
- هددت أكثر من مرة بتجميد عضويتك في وجه الكاتب الأول للحزب عبد الواحد الراضي. هل معنى هذا أنك غير راض عن أداء حزبك؟
> يمكن القول إن حزب الاتحاد الاشتراكي يمر بمرحلة قلق، يُمليها الوضع العام الذي يعرفه المغرب، ومع كامل الأسف، هناك بعض الأطراف المتطفلة تعزو هذا الوضع إلى قوى غيبية، فتارة، يشار إلى الأحزاب بصفتها هي المسؤولة، وتارة أخرى، تلقى الكرة في ملعب النقابات، والغرض الأساسي لهذه القوى التي تفعل ذلك هو أن تبقى متحكمة في البلاد بشكل سري وألا يفتضح أمرها.
- ماذا تقصد بالأطراف المتطفلة؟
> سمِّها ما تشاء، ففي منظور هؤلاء، فإن كل شيء في هذه البلاد فاسد، لكنْ دعنا نطرح السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: من الذي أوصل المغرب إلى هذه الوضعية؟ أعتقد أن التمسك بنظرية الغيبيات في السياسة شيء مرفوض تماما. المشكل الأساسي الذي يواجهه المغرب، في اعتقادي، هو أن الكل يريدون التملص من أداء واجباتهم عبر التخفي، أو بصيغة أخرى، تعليق فشلهم على جهة أخرى، وفي هذا الصدد، فكثيرا ما نسمع أن عباس الفاسي، رئيس الحكومة، يقول إنه يطبق توجيهات صاحب الجلالة. لم يعد من المقبول أن تستمر هذه السياسة في مغرب ما بعد الدستور الجديد...
- لكنك لم تجب بعد عن السؤال المرتبط بالوضع الداخلي للاتحاد، لاسيما بعد استوزار إدريس لشكر في التعديل الحكومي الأخير، وكنت أنت من القياديين الذي دعوا عبد الواحد الراضي إلى تحمل مسؤوليته، بل إن قيادة الحزب فوجئت بهذا الاستوزار...
> هناك جواب واحد يمكن أن أقدمه في هذا المضمار هو أن التعديل الحكومي الأخير كان تافها، سواء تعلق الأمر بإدريس لشكر أو بغيره. لقد كان الشعب في حاجة إلى شيء أكبر من مجرد تعديل حكومي. كنا وقتئذ على أبواب الخروج من الحكومة وكان قرار المجلس الوطني للاتحاد جاهزا في ما يخص هذا الموضوع. صراحة، أنا لا أستسيغ أن يُربَط هذا التعديل بإدريس لشكر وكأنه كان في موقع وتحول إلى آخر، هذا نقاش أراه مغلوطا من أساسه. وقد عبّرتُ، بمعية بعض قيادات الحزب آنذاك، عن موقفي الواضح من التعديل الحكومي وقلنا إن الشعب المغربي في حاجة إلى إصلاحات دستورية وسياسية.
- وكيف يستعد حزبكم حاليا لخوض غمار أول استحقاقات في ظل الدستور الجديد؟
> تأخذ التحضيرات أبعادا مختلفة، لكنْ لا بد من التذكير في هذا السياق، بأننا محكومون بمقررات وتوجهات المؤتمر الوطني الثامن، ونحن على أبواب التحضير للمؤتمر الوطني التاسع، وكان من المفروض أن تكون الاستعدادات قد بدأت، غير أن زحمة الأحداث التي يشهدها المغرب حال دون القيام بذلك. وعلى كل حال، فإن الحزب شرع في عقد سلسلة من الندوات الموضوعاتية بمشاركة مسؤولين وأساتذة جامعيين وخبراء بغاية بلورة برنامج يستجيب لطموحات وانتظارات المغاربة. وتتزامن هذه الندوات مع المساعي التي نبذلها لاختيار مرشحين بإمكانهم أن يواكبوا المعارك المقبلة، التي لن تكون سهلة على جميع المستويات.
- وماذا عن الكيفية التي ستدبرون بها التزكيات بين أعضاء الحزب؟
> حتى أكون معك صريحا، فمؤتمر الحزب كان صارما وحازما في ما يتعلق بهذه النقطة، حيث سيُسند ما هو محلي إلى الفروع المحلية وما هو جهوي إلى الفروع الجهوية، وبعد ذلك، تتكفل قيادة الحزب بما هو وطني. لكنْ مع ذلك، فإن حزبنا، كما باقي الأحزاب الأخرى، لن يَسْلَم من مثل هذه الصراعات، لأن اختيار المرشحين قد لا يكون صائبا والخطأ أمر وارد، لأننا بشر قبل كل شيء.
المشكل في اعتقادي هو من سيتحمل المسؤولية غدا، وأود أن أطرح سؤالا بسيطا: هل القيادة الوطنية هي من سيتحملها أم الأعضاء المحليون والجهويون؟ لذلك، يجب ألا تتملص القيادة الوطنية من مسؤوليتها في اختيار مرشحين في مستوى تطلُّعات المرحلة المقبلة. إن اختيار مرشحي الحزب في الانتخابات المقبلة يجب أن يخضع لمعايير الإشعاع والتوفر على الكفاءة والقدرة على العطاء، فهناك الكثير من المناضلين اليساريين، لكنْ ليس بإمكانهم حتى ضمان أصوات داخل منازلهم، فبالأحرى إقناع المواطنين. وفي هذه المرحلة الحساسة، لا بد لقيادة الحزب أن تتصرف بحكمة وتريث أمام طلبات الترشح وأن تدبر بشكل عقلاني الطموحات المتباينة لأعضاء الحزب.
- هل سيلجأ الاتحاد إلى الأعيان للحصول على مرتبة مريحة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خاصة أن بعض الاتحاديين يؤيدون هذا الخيار؟
> من المؤسف أن نسمع مثل هذا الكلام، نحن نتحدى أيا كان أن يثبت كون حزب الاتحاد الاشتراكي يستقدم الأعيان.. هناك حالات معدودة، لاعتبارات تاريخية كمحمد الدرهم، الذي ينسى الكل أن أباه من المؤسسين للحزب، علاوة على رغبة المناضلين في ترشيحه، مع العلم أنه عضو قيادي في حزبنا. ولذا، فأنا لا أقبل بتاتا أن توضع كل الأحزاب في سلة واحدة. فعلى سبيل المثال، لم يستفد الاتحاد الاشتراكي من الترحال السياسي، وعلى هذا الأساس، أنا كنت ضد منع الترحال السياسي، لأن الأحزاب التي كانت تبيع التزكيات بـ50 أو 100 مليون، ستجد نفسها أمام نفس الوضع حين يريد المرشح، من جديد، أن يبحث عن تزكية في لون سياسي آخر ومن ثم، فأنا أعتبر ذلك «نخاسة بشرية» تسيء، بشكل مشين، إلى المشهد السياسي. وفي هذا الصدد، أؤكد لك أن حزبنا لم ولن يفتح بابه على مصراعيه لكل من هب ودب للانضمام إليه.


-وماذا عن المشاروات التي فتحها حزبكم مع بعض الأعضاء من الحزب الاشتراكي الموحد كي يلتحقوا بكم مباشرة بعد إعلان هذا الأخير مقاطعته الانتخابات. ألا يبدو ما قلته سلفا متناقضا مع هذا المستجد؟
-لن أخفي عنك أن مجموعة من أعضاء الحزب الاشتراكي الموحد اتصلوا بالحزب بغاية الالتحاق بنا، إنما ليسوا كلهم برلمانيين. لكنْ لا مناص من أن نذكر أن مناضلي الحزب في منطقة شتوكة أيت باها كانوا يفكرون في الانضمام إلى الاتحاد الاشتراكي منذ ستة أشهر، وقد تلقى الحزب كذلك طلبات كثيرة من جهات مختلفة. طبعا، مسطرة الالتحاق بالحزب معقدة نوعا ما، لكنْ يبقى القرار في يد المكتب السياسي للحسم في هذه الطلبات مع استحضار الشروط التي تخول لهم ذلك، ومنها توفرهم على امتداد جماهيري والتمسك بقيّم اليسار، مع العلم أننا لن نستقبل هؤلاء على أساس أنهم رُحّل، لكنْ على أساس فتح نقاش بنّاء مع قواعدنا.
- فجّر طارق القباج عمدة أكادير باسم الاتحاد، مؤخرا، قنبلة من العيار الثقيل حين قدم استقالته من عمودية المدينة احتجاجا على منعه من حضور حفل الولاء، لكنه تراجع عن هذه الاستقالة. هناك من قال إن استقالة القباج لا تعدو أن تكون تسخينات انتخابية للبحث عن موقع مريح داخل الحزب وإعادة الترشح من جديد. ما هو ردك؟
> لنكن واضحين، لم يكن القباج يرمي من وراء إقدامه على وضع استقالته الحصول على تزكية أو شيء من هذا القبيل، كما يدّعي البعض، الأمر أكبر من ذلك بكثير، فطارق القباج، هذا المناضل الشهم، واجه لوبيات نافذة، بما فيها فساد الدولة.. لقد وقف كسُور منيع أمام شركات كبرى، من بينها شركة «العمران»، وهي شركة مملوكة للدولة، فالرجل لا يُرخّص لأي شركة مهما كان نفوذها إذا لم تحترم معايير البناء وكان جدَّ حازم في تطبيق القانون، خاصة في ميدان العمران.
- هناك من تحدث عن خلفيات أخرى وراء هذه الاستقالة. هل يمكن أن نعرف تفاصيل أكثر في هذه القضية؟
> قلت لك إن القباج واجه لوبيات وطنية، لاسيما في مجال العقار، وهذه اللوبيات كانت تريد أن تشتري الأراضي بأثمنة بخسة. وفي هذا السياق، هل تملك الدولة القدرة على الإفصاح عن الثمن الحقيقي الذي اشترت به الأراضي قبل أن تبيعها بأثمنة مرتفعة؟! إذا كانت الدولة تريد حقا أن تُكرِّس قيّم الشفافية فعليها أن تكشف عن كل التفاصيل المرتبطة بهذا المجال، وحينها، نحن مستعدون للمحاسبة. وأعتقد أيضا أن الدولة جبانة لأنها ليست قادرة على الكشف عن التفاصيل التي تحدثت عنها، أكثر من هذا، الدولة ليست جبانة فقط بل هي متواطئة أيضا، ثم هل نسي الجميع أن الملك أمر بهدم مشروع سياحي مملوك للقباج بعدما اعتقد أنه لا يتوفر على رخصة، لكن تأكد في ما بعد أن المشروع قانوني، حينها تَقرّر تعويض القباج بالملايير، فرفض هذا الأخير، وجاء جطو ليخبره أن التعويض الملكي لا يُرفض. وأتحدى الجميع أن يثبتوا خرقا واحدا ضد القباج، ونطالب لجن التفتيش التي زارت مجلس المدينة أن تُخرِج نتائجها إلى حيّز الوجود. ومن البديهي جدا، أن يقدم القباج استقالته، حيث أتى من فرنسا على عجل ليحضر مراسم حفل الولاء ويمثل مدينة ثم يفاجأ بمنعه. هذا هو العبث بعينه، رغم الاعتذار وإعفاء مجموعة من المسؤولين على خلفية هذا المنع. نحن لن نحاكم النوايا، لكن هناك مسؤولين دفعوا الثمن بعد منع طارق القباج من حضور حفل الولاء.
- وماذا عن موقف الحزب من هذا المنع؟
> بالنسبة إلى قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي فقد تابعت الموضوع باهتمام بالغ، وقد اتصلتُ أنا شخصيا بوزير الداخلية للاستفسار عن الأمر، وحين طُلِب من طارق القباج أن يعود إلى القصر الملكي في تطوان رفض وقال لهم إنه في نصف الطريق وليس طفلا صغيرا يلعب ولا يمكنه العودة. ويسكنني نوع من اليقين أنه لو كان أحدا آخر في مكان عمدة أكادير لعاد على وجه السرعة. إثر ذلك، استقبله وزير الداخلية في منزله وتناول معه وجبة الإفطار وقدّم له اعتذار الدولة عما جرى ووعده بفتح بحث في الموضوع، وبالفعل، تم توقيف عدة مسؤولين، بل الأدهى من ذلك، أكد مولاي الطيب الشرقاوي للقباج أن وزارة الداخلية هي التي ستتكفل بحل مشاكل مدينة أكادير وليس العمالة، وبعد يومين من ذلك اللقاء، تم الإفراج عن 24 مشروعا كانت «مجمّدة»... لكننا في حزب الاتحاد الاشتراكي لم نشأ أن ندخل في «حرب» مع الدولة، لأننا لسنا حزبا عدميا وإنما عالجنا المشكل بما يقتضيه المقام من حكمة، والمهم عندنا أن مسؤولين دفعوا الثمن جراء منع القباج من حضور حفل الولاء.
- وماذا عن التحالفات المرتقبة؟
> إن الحديث عن التحالفات الحزبية في المغرب هو حديث لا يستقيم، ما دام أنها تنبني على أساس مناسباتي.. بالنسبة إلى قطب اليسار، يجب أن نحدد، أولا، ما نقصده باليسار: هل هي اللافتات أم القيّم اليسارية، المبنية على التضامن؟! لقد طلبنا من كل الأحزاب المحسوبة على العائلة اليسارية أن نتكتل في حزب واحد، بل أعلنّا استعدادنا الكامل لتغيير اسم حزبنا، إذا اقتضت الضرورة ذلك، الأمر الذي ينفي، بشكل قطعي، أننا نريد الهيمنة والسيطرة على المكونات اليسارية كما يروج البعض. بيد أننا اصطدمنا، مع الأسف، بمعوقات كثيرة، منها من يريدون أن يفرضوا أنفسهم بالقوة ومن يحسبون في قرارة أنفسهم أنهم عناصر قيادية.. ومن يريدون أن يجعلوا من أنفسهم تيوسا سوداءَ في القطيع الأبيض بهدف التميّز.. بيد أنه لا أحد من هؤلاء وضع نصب عينيه مصالح الوطن. أنا، شخصيا، من أشد المدافعين عن طرح القطب اليساري. أما الكتلة الديمقراطية فقد دعونا قياداتها، قبل الانتخابات البلدية لسنة 2009، إلى تقديم مذكرة للإصلاح الدستوري بشكل مشترك، فقد كنا نعي جيدا آنذاك أهمية القيام بإصلاحات دستورية وسياسية عميقة تحارب الفساد الذي كان مستشريا بشكل كبير. ومن هذا المنطلق، باشرنا مشاوراتنا خارج نطاق الكتلة لتشمل الجميع، إذ استقبلنا وقتئذ قيادات من حزب الأصالة والمعاصرة في مقر الحزب، وهذا ليس سرا. قلنا للجميع: تعالوا لنقدم مذكرة من أجل سن إصلاحات حقيقية، لكن كل حزب كان يتذرع بأسباب أو بأخرى، مما اضطرنا إلى تقديمها بشكل انفرادي، لكن الخطير في الأمر أن مجموعة من وسائل الإعلام بدأت في حملة التشكيك في جدية تقديمنا مذكرة إلى الملك بشأن الإصلاحات الدستورية، الشيء الذي حذا بي إلى الإعلان عنها في برنامج «حوار»، للقطع مع كل المشككين.
- هل هناك إمكانية لتحالف مع الكتلة الديمقراطية بغاية قيادة الحكومة المقبلة؟
> لقد كان الهدف الذي نبتغيه من تأسيس الكتلة الديمقراطية هو تأسيس إطار مشترَك مبنيّ على ميثاق، لكنْ حين نرى أنه يتم تقديم مرشحين فقط كأرقام انتخابية فإننا نستحيي ونقول «اللهم إن هذا منكر»، وفي الأخير، يحضر منطق الحساب الانتخابي: «أنت جْبتي شْحال وأنا جبت شْحالْ».. وتُهيمن النتائج المحصَّل عليها على حساب مبادئ الكتلة. مع ذلك، نحن نعقد الآن جلسات عمل مع مكونات الكتلة الديمقراطية للتداول بشأن الخطوط العريضة. حزب الاتحاد الاشتراكي مساهم في الحكومة الحالية، رغم أن بعض الأحزاب لا يجمعها مع حزبنا أي شيء.. والدليل على كل ما أقول هو أن التصريح الحكومي في واد وواقع الحال في واد آخر. فمن العار أن يستفيد البعض ممن لديهم سيارات بمقدار 500 مليون من الدعم ومن العار، أيضا، أن يستفيد واحد يمتلك مطبخا نوويا من دعم الغاز، كما يستفيد منه المواطن العادي.. والأمثلة في هذا الباب كثيرة، وألقي بالمسؤولية على الجميع.
- هل من الممكن أن يتحالف حزبكم الحامل للقيّم اليسارية مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي؟
> إذا كان حزب العدالة والتنمية سيشتغل وفق برنامج واضح المعالم فهو مرحَّب به إذا قبل مناضلو الحزب بذلك، لكنْ يجب أن نتفق على الخطوط العريضة لمجتمع المغرب الحداثي، ومن يريدون الانخراط فيه فنحن سنمد إليهم اليد. وحين نتحدث عن المرجعيات، نبدو كأننا بلا ذاكرة، فحزب العدالة والتنمية سبق له أن ساند حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي وكان جزءا من أغلبيتها، لكنْ دون أن يحصل على حقيبة وزارية، بل وكان يجتمع مع الأغلبية في إطار المشاورات، واليوم، ينبري البعض ويتحدثون عن المرجعيات، أعتبر هذا النقاش مغلوطا وخاطئا، إذ يبدو التحالف مع العدالة والتنمية وكأنه «بدعة»...
- وماذا عن التحالف مع الأصالة والمعاصرة لمؤسسه فؤاد عالي الهمة؟
> حزب الأصالة والمعاصرة هو كباقي الأحزاب الأخرى، وهو تجميع لِما هو كائن أصلا، ولا يتضمن أي طاقات خلاقة، نحن سنتحالف مع أي حزب تهيْكَل بطريقة قانونية ولم يستفد من دعم وحظوة الدولة وابتعد عن كل ما يثير الشبهة، فنحن لن نقبل كلاما من مثل «صديق الملك» أو هذا مقرب من فلان. لكنْ ليس هناك مانع من التحالف مع الـ« بام»، لأنه ليس جذاما.. وقد سبق لي وأن قلت إن حزب الاتحاد الاشتراكي استقبل في مقره قيادات من الـ»بام».. كل من سيسند حزب الاتحاد الاشتراكي سنتحالف معه...
- هل أنت مع أن تبقى وزارة الداخلية مشرفة على العملية الانتخابية؟
> في العالم كله، وزارة الداخلية هي التي تُشرف على الانتخابات، ومخطئ من يعتقد أن هناك جهة بعينها يمكنها أن تشرف على الانتخابات، ما عدا وزارة الداخلية، فلنفترض أن الداخلية ستتخلى هذه المهمة وتفسح المجال لجهة أخرى للقيام بذلك.. أقسم لك إنه لن يستطيع أحد أن يضطلع بها. لقد جربنا، في ما سبق، اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات التي كانت تتكون من رؤساء الأحزاب، غير أنها فشلت. ويحسب البعض، مع كامل الأسف، أنه قدم اجتهادا في الموضوع، مع العلم أن هذه التجارب أثبتت أنها تافهة. لذلك، أنا أريد من وزارة الداخلية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في الإشراف على العملية الانتخابية. بالله عليك: هل تقدر أي جهة كانت أن تدبر أمر أكثر من 40 ألف مكتب تصويت ميدانيا ولوجستيكيا. أطلب من هؤلاء الذين يدْعُون إلى استبعاد وزارة الداخلية من تتبع المسلسل الانتخابي أن يوضحوا رؤيتهم، فإذا كان ذلك يعني إبعادا كليّا لها، فأرى أن الأمر لا يعدو كونه عبثا، أما الحديث عن إشراف القضاء عليها فذاك أمر مستحيل على المستوى الواقعي.
- أصدرت الحكومة، وأنتم مشاركون فيها، بيانا ضد العدالة والتنمية حول قضية التشكيك في الانتخابات قبل إجرائها، هناك من قال إن هذا البيان يرمي إلى تقزيم نفوذ هذا الحزب. ما ردك؟
> في مغرب الدستور الجديد، يجب أن نمتلك الشجاعة الكافية للتصريح بمواقفنا وأن نخرج إلى العلن لنعلن عنها بشكل واضح، طبعا، هناك قضاة ورجال سلطة وحكام جماعات فاسدون، لكنْ يجب الاحتكام إلى الدلائل. لقد تبنّى حزب العدالة والتنمية عملية استباقية ودعا إلى عزل العديد من العمال والولاة من دون الاستناد إلى وثائق. كيفما كان الحال، لم يشر بيان الحكومة بالبنان إلى حزب العدالة والتنمية بشكل مباشر. طبعا، الصراع حول قضية الولاة والعمال هو الذي أجّج ما أصبح يسمى «حرب البيانات»، لكنْ علينا أن نثبت أن تلك الاتهامات صحيحة ولا يمكن أن نقول إن فلانا كان ينتمي إلى حزب، وهو الآن يخدم حزبا بعينه، هذا فهم «أعوج» للمنطق السياسي...
- هل ستترشح في الانتخابات المقبلة؟
> ممكن، وإذا تقدمت للانتخابات، سأترشح في مدينتي الأصلية، سطات، من أجل تحريك دينامية الحزب في هذه المنطقة.
- أثار سحب قانون المالية من البرلمان نقاشا حادا وصل إلى حد تبادل الاتهامات بين مكونات الأغلبية، ما الذي حدث بالضبط؟
> لم يوضع هذا القانون في البرلمان حتى يُسحَب. لقد كانت الحكومة جبانة في عدم إفصاحها عن كون أن المشروع لم يوضع أصلا في البرلمان، بل لم يتوصل رئيس مجلس النواب بوثيقة رسمية تؤكد وضعه في المجلس، بغرفتيه، بل إنه من التفاهة ألا تكون الحكومة شجاعة للإعلان عن هذا الأمر، ومن التفاهة كذلك أن يتحدث برلمانيون ورؤساء فرق برلمانية عن سحب الحكومة مشروع قانون المالية. هذه عبثية سياسية وضحك على المواطنين.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017