آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كشف المستور في إصلاح الدستور

كشف المستور في إصلاح الدستور



عبد الحميد جماهري

ننتظر أن تدور رهانات قوى كبيرة داخل اللجنة التي تعمل على الدستور، وداخل آلية التتبع التي تعمل تحت إشراف المستشار الملكي محمد معتصم.
ولا يمكن أن يخالجنا الشك بأن الإصلاح الذي تريده بلادنا وعاهلها، يتأرجح بين تأويلين: الأول يريده في الحد الأدنى، والآخر في الحد الأقصى.
وما بينهما تكمن المواقف والتقديرات.
لحد الساعة ظهر موقف أو اثنان للعلن حول من يريد أن يقتصر الإصلاح على تدابير للإدماج السياسي، في حين تظل بنية الدولة
كما هي، وبين من يرى أن السقف، الذي يمكن أن تتجه إليه الإصلاحات لا يقل عن ملكية برلمانية في محيطها المغربي.
وطبعا هناك الأطراف التي لا تعلن عن نواياها وتشتغل من أجل أن يحيد النقاش عن مضمون الدستور إلى .. المحيط الذي يتم فيه ذلك.
كما أن الفساد الذي خلق بنيته داخل الدولة، نسميها احتشاما جيوب مقاومة التغيير، لا يمكن إلا أن يجد التعبير السياسي والدستوري عن نفسه.
ولابد من أنه سيعمل من أجل تقويض هذا الإصلاح الذي تريده بلادنا.
ويعلمنا التاريخ أيضا أن قوى الإصلاح الحقيقية تتعرض في مثل هذه الفترات إلى زعزعة مقصودة وإلى محاولة إلهاء فظيعة تضيع على الوطن فرصا حقيقية للإقلاع.
وبالرغم من أن النوايا الحسنة هي التي يتم التحرك على أساسها (والطريق إلى جهنم مفروشة بالنوايا الحسنة كما يقال)، فإننا نجد أن عدم تقدير الأولويات يضعف هذه القوى.
ولنا في الاتحاد مثال صارخ لما قد يجنيه عليه التسرع في التعامل مع الوضع.
لقد شاهدنا كيف أن الاتحاد تعرض لزعزعة كبيرة ـ ليس هنا مجال التدقيق فيها ـ شملت كل عناصر وجوده. في بداية التناوب وفي الطريق إليه.
طبعا كان المسوغ نضاليا أحيانا كثيرة، وكانت الحجج في غالبها كفاحية، لكن النتيجة التي عرفناها هي أن ذلك أثر على الاتحاد بشكل كبير عشية انتخابات كان حاسما.
وبفعل تلك التفجيرات التي حدثت سنة قبل 2002، لم يكن الاتحاد، في المرتبة الأولى سوى بفارق بسيط، في الوقت الذي كان بمقدوره أن يحصل على فارق كبير لو أنه اشتغل بكل قواه وبكل مكوناته.
وانضاف ذلك إلى الصراع الذي خاضه جزء من معسكر الإصلاح مع مدبره آنذاك عبد الرحمان اليوسفي، وحكومة التناوب التي وجدت مطالب عالية وتحاملا حتى، من طرف جزء من معسكر يفترض فيه أن يكون إلى جانب التجربة. وسواء في الاعلام أو في المجتمع المدني، فإن جزءا منهم لم يخف ما يشبه النقد الذاتي لمواقفه آنذاك، بل هناك من طالب بعودة عبد الرحمان إلى قيادة الانتقال اليوم!!
ليس المجال تحديد المسؤوليات، بل هو القراءة التي ترى أن زعزعة الاتحاد اشتغلت لفائدة قوى التقنوقراط والقوة الثالثة التي أرادت أن يزيغ المغرب عن المنهجية الديموقراطية.
واليوم لابد من التأكيد على أن الخوف مبرر، ونحن على أهبة منعطف كبير للغاية، ربما هو المنعطف الذي من أجله كان الاتحاد ولد، وتم تأسيسه كاستمرار لحركة التحرير الشعبية.
إنه المنعطف الذي قد يجر على الاتحاد سلسلة أخرى، من الطلقات لا شك أن الكثير منها من صميم الروح النضالية، من الترويعات والقنابل التي تعطل دخوله القوي إلى ورش الإصلاح.
السياق يقول أهل المنطق يصنع المعنى ...!
إن الاتحاد كقوة إصلاحية أساسية داخل اليسار، مطالب بأن يوحد منظور هذه القوى والاشتغال إلى جانبها في ما يخص الإصلاحات وتجذيرها في المنظومة السياسية لبلادنا. وفي حال تم إضعافه، فإن المعسكر الإصلاحي سيدخل ضعيفا إلى رهانات اللجنة المكلفة بالإصلاح.
إن التاريخ لا يرحم.
ومازال التاريخ يحفظ لكل واحد دوره في المنعطفات الحاسمة.
ومازالت نهاية الغرفة الدستورية، بعد نسفها من الداخل من طرف أحرضان وغيره، بسبب تولي الرئيس علال الفاسي مهامها، حاضرة في الأذهان.
إن السؤال المركزي اليوم هو: لفائدة من يتم إضعاف المعسكر الإصلاحي؟
والجواب البدهي الذي يكاد يعمي الأبصار، هو لفائدة قوى الظلم والحكم المطلق ولفائدة المحافظين القدامى منهم والجدد، ولفائدة من يريد أن يضع التاريخ كله في حسابه الخاص لكي تصطف وراءه كل التعبيرات المجتمعية.
ليس هناك من مبرر لكي يتلقى الاتحاد ضربات أخرى، هو الذي لم يترك له الوقت أبدا لكي يتنفس ويعيش حياة حزبية عادية!!
المغرب في حاجة إلى أبناء الاتحاد كقاطرة لليسار، وأي إضعاف له هو ضرب لليسار والقوى الحاملة لثقافة التحديث والحداثة والديموقراطية لفائدة القوى الظلامية، أي التي تعيش في ظلام الحكم الممركز، والتي ترى أن المغاربة ليسوا سواسية.
يصعب اليوم ألا نتذكر تلك اللحظات العصيبة التي مرت بحكومة عبد الرحمان اليوسفي.
ومازلنا نذكر جحافل الشباب والنساء في إيران وهي تقاوم لفائدة الإصلاحي الكبير محمد خاتمي، في الوقت الذي كان جزء من معسكر الإصلاح «يجاهد» في عبد الرحمان وفي حكومته.
ليس من حق عسكر الإصلاح أن يخطئ.
وهناك حسابات ضيقة للغاية أحيانا تعصف دوما بالمنعطفات التاريخية. فالتاريخ أيضا لا يحتمل الحركات التي تعاكسه، ولهذا فهو أيضا سريع العطب أحيانا، ولا سيما عندما يجد من «يساعده» على الإصابة بالزكام في وسط تيار هوائي كبير تنفخ فيه القوي الاستبدادية الكامنة في الظل أو القوى المحافظة التي تضبط إيقاعاتها.
لقد تبين أن الدولة بماهي اليوم سائرة في ريادة التحديث المادي (عبر البنى التحتية والتجهيزات والتأهيل الاقتصادي) تحتاج إلى حامل للتحديث الفكري والحقوقي والقيمي الأخلاقي، ولا يمكن المجادلة في أن الاتحاد، إلى جانب القوى التقدمية، هو المؤهل لهذه المهمة.
وإرباكه أو إضعافه يدخل في صميم تقليم القوة التجديدية في المجتمع.
وأحيانا إذا احتاجه المجتمع ووجده ضعيفا لن يعول عليه.
ولنا اليوم في مجريات الساحة المغربية ألف دليل.
ولعل شرح الواضحات من المفضحات.
3/28/2011

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017