آخر الأخبار

جاري التحميل ...

من أجل حملة مفتوحة

من أجل حملة مفتوحة






جمال براوي (صحافي)
أياما قبل الاستفتاء، نظمت القنوات التلفزية والإذاعات الخاصة نقاشات حول مشروع الدستور. وقد بدأنا نسجل بعض الملاحظات، خصوصا على مستويين.
الملاحظة الأولى وهي أننا في الوقت الذي كنا ننتظر فيه من الأحزاب أن تشرح فحوى نص الدستور وأن تعبر عن ملاحظاتها وتحفظاتها منه، نجد أن الخطابات شبه متطابقة. ولا يخفى على أحد، مثلا، أن حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية يختلفان في قراءة مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية، فحزب المصباح لطالما عارض هذا المبدأ بينما الحزب الثاني لطالما طالب باحترامه.
إن تعميق النقاش ليس فقط السبيل الوحيد إلى التمهيد لحياة سياسية جديدة بعد الاستفتاء، بل هو أيضا وسيلة للتعبئة تسمح بالانخراط المسؤول في الدستور وجميع
القيم التي ينطوي عليها.
أما الملاحظة الثانية فتتعلق بالطابع الاستفتائي الذي يعكس استمرارية الأساليب القديمة، فبعض الأحزاب تتعبأ لتنظيم لقاءات ونقاشات مع منظمات غير حكومية، وربما تتعبأ أيضا لتنظيم احتجاجات. وإذا كانت مثل هذه النشاطات، بعيدا عن الدعاية، ترمي إلى فتح نقاش عميق وتبادل بناء للأفكار، فيمكن أن نقول إننا ربحنا الرهان، بعيدا عن نجاح تمرير الدستور الجديد بأغلبية مؤيدة. إن فتح نقاش حقيقي حول الديمقراطية والحداثة والمساواة يمهد للدخول إلى الحياة السياسية الحقيقية من بابها الواسع.
وحتى أولئك الذين يرفضون مشروع الدستور يخلقون نوعا من الإزعاج بسبب رداءة، إذا لم نقل تفاهة، حجياتهم. محمد الساسي (الاشتراكي الموحد)، مثلا، طالب في العديد من مقالاته بالإصلاحات التي يدافع عنها، فإذا بنا نجد أن الدستور الجديد المستفتى فيه يستجيب لأغلب هذه المطالب. فكيف، إذن، يرفض محمد الساسي مشروع هذا الدستور من حيث الشكل؟
شابة أخرى من 20 فبراير تعارض ما تسميه «أحكام القيمة على المرأة»، غير أن ما يناهز 40 جمعية نسوية من ضمن الجمعيات الأكثر تمثيلية في المغرب عبرت عن رضاها عن هذا الدستور واحتفلت به باعتباره نصرا كبيرا للمرأة. وأخيرا، نجد أحمد عصيد، الذي اعتبر دسترة الأمازيغية بمثابة مكسب تاريخي لجميع المغاربة، يرفض مشروع الدستور لاعتبارات معقدة جدا. أما العدل والإحسان والنهج فموقفهما لا غبار عليه ويعبران بكل وضوح عن رفضهما لهذا الدستور لأنهما يرفضان الأساس القائم عليه.
وسيكون من الخطأ ألا نسمح لهذه الأقليات بالتعبير عن موقفها. يجب أن تجد مكانا لها، بما في ذلك في وسائل الإعلام العمومية، لأن السبيل الوحيد للوقوف على تفاهة حجياتهم هو الدخول في نقاش صريح وواضح معهم. ولا شك أن القوى الحية في هذا البلد تملك كل المؤهلات والإمكانيات للخوض في هذا النقاش بكل جدية مع تقديم معطيات وحجج قيمة.
المغرب الآن محط أنظار العالم، والأيام التي تفصلنا عن الاستفتاء حاسمة جدا بالنسبة إلى هذا البلد بشكل خاص وإلى المنطقة بشكل عام. لهذا، يتوجب علينا جميعا أن نجعل من هذه الحملة مرحلة لتكريس الديمقراطية بدون إقصاء أو تفضيل! ففي نهاية المطاف، الكلمة الوحيدة ترجع إلى الشعب المغربي.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017