آخر الأخبار

جاري التحميل ...

افتتاحيات اخرى...تغيير الدستور وتغيير التصرفات

افتتاحيات اخرى...تغيير الدستور وتغيير التصرفات





العربي اجعايدي
هل سيمكن الدستور الجديد من تغيير النظام السياسي الوطني ونقله إلى مرحلة جديدة من تاريخه؟ من دون شك، إصلاح المؤسسات يعتبر مسلسلا ضروريا لتطور مستقر سياسيا مدعوم اقتصاديا ومستدام إنسانيا، وبغض النظر عن تصورات النخب، فإن مسلسل الإصلاح المؤسساتي يثير لدى المواطنين انتظارات اقتصادية واجتماعية هائلة.
ومن الواضح أن «»القوى الاجتماعية»« تنتظر من المسلسل الديمقراطي تغييرات ملموسة وسريعة لحياتهم الاقتصادية والاجتماعية، لكن الإصلاح الدستوري لايفرز في حد ذاته مزيدا من الثروات أو انسجاما اجتماعيا أفضل. فالمفروض أن يكون ذلك هو دور الاصلاحات الاقتصادية، لكن للأسف مثل هذه الاصلاحات مع ما تستلزمه من اجراءات تقشفية وآثارها البطيئة على النمو لا تنسجم تماما مع الانتظارات الفورية
التي يفرزها تغيير الاطار المؤسساتي حتى وإن كان ينحو نحو تشجيع أو تعزيز الديمقراطية، وتظهر التجربة أن النظام التسلطي يمتلك من الوسائل الزجرية لفرض برنامج إصلاحات أكثر مما يمتلك نظام ديمقراطي ينبني على تقاسم السلطة وآليات الحوار مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين. قد يقول البعض بأن صعوبات الحقل السياسي في المغرب لم توقف تقدم الاقتصاد، فتحسن التوازنات الماكرو اقتصادية حقيقي ولو أنه لوحظ وقوع انزلاقات في السنوات الأخيرة وانفتاح الاقتصاد شكل تقدما مهما ولو أن تأثيراته على توزيع الثروات تتطلب تحكما أفضل.
ومع ذلك فالمغرب لازال يواجه رهانات كبيرة: التضامن الاجتماعي، تحديث العدالة والإدارة, ملاءمة نظام التعليم مع متطلبات سوق الشغل، التأهيل التنافسي للنسيج الإنتاجي، فكيف يمكن الاستجابة للانتظارات والمتطلبات العديدة؟ سيكون من الخطأ اعتبار الإصلاح الدستوري كعلاج سحري للآثار الفورية، وتجاهل النتائج الأكثر عمومية لمطلب تغيير تصرف
الفاعلين العموميين والخواص, فإصلاح المؤسسات هو بطبيعته مسلسل تدرجي يندرج في سياق بعيد المدى. ومن السهل وبدون شك ، الاعتقاد بأن اقرار دستور جديد سيكون كافيا لخلق بيئة ملائمة لانطلاق الاقتصاد المغربي في مناخ جديد حامل لافق نمو اكثر متانة. من المهم ان يغير الفاعلون تصرفاتهم من أجل خلق نظام يفتح افاقا جديدة. فالدولة والمقاولات والاحزاب السياسية والمنظمات النقابية لن تتصرف على الفور كفاعلين عقلانيين بمجرد ما اصبحت تتحرك في بيئة مؤسساتية اكثر شفافية ومسؤولية. فالقيم والتصرفات تبنيها مؤسسات تحدد بشكل واسع رد الفعل تجاه الاصلاحات كيفما كانت طبيعتها. بعبارة اخرى فهذه التصرفات لا تصدر تلقائيا عن تغيير الاطار المؤسساتي مهما كان عمقه. بل هي اساس تصرفات تبنى سياسيا واجتماعيا. فالتصرف العقلاني بحاجة للديمقراطية لكي يزدهر. وفي غياب ذلك فإن النظام لا يتمكن من التغلب تدريجيا على الممارسات وانماط التنظيم التقليدية.
واذا كان دور الاصلاح الدستوري بطبيعته ليس هو التطور الاقتصادي والاجتماعي، فمن البديهي ان السياسات العمومية لا يمكن ان تحقق اثرها المنشود في بيئة تتميز بغياب التعبير الحر للقوى المضادة.في الواقع، فإن التشاور [الضروري] الذي يفتح في نظام ديمقراطي يشكل قاسما للانخراط في الاصلاحات. ومثل هذا التشاور عندما يتم في مناخ ديمقراطي يؤدي بالضرورة الى الاخذ في الاعتبار، تدرج الاصلاحات، والى اعتبار افضل لاثرها الاقتصادي والاجتماعي, والتحدي الاساسي للدستور الجديد هو المساهمة في ايقاظ او تقوية الاهتمام بالشأن السياسي من طرف الفاعلين العموميين والخواص.وإلا فإننا نواجه خطر قيام «ديمقراطية محاباة» يخضع من خلالها أصحاب القرار شكليا للضغوط الخارجية والداخلية المساندة للديمقراطية، دون ان نغير جوهريا قواعد اللعب, الشرط الضروري للوصول الى «»ديمقراطية القناعة».


7/4/2011



عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017