آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تدبير زمن الإصلاحات

تدبير زمن الإصلاحات







عبد الحميد جماهري
صوت المغاربة بنسبة كبيرة من أجل الدستور، كانت تلك الورقة الشعبية ايذانا بنهاية تدبير معين للزمن السياسي المغربي.
وبالقدر الذي دافع به المغاربة بقوة عن المشروع السياسي الجديد، بالقدر نفسه الذي يدافعون به عن تأمين تفعيله وتدبير كل مراحله.
الدستور لم يخلق واقعا جديدا بعد، بل هو يجيب عن واقع قائم، واقع متراكب، متعدد المعادلات ، وما زال يتفاعل.. وقراءة ما بعد الدستور قراءة يجب أن تكون تفاعلية.
فإذا كانت النتيجة الأولى تفيد بأنه لا شيء ممكن بدون الدستور، ولا شيء يفتح الواقع على احتمالات ايجابية بدون الدستور، فإنه لا شيء يمكن أن يستمر بدون مؤسسات حقيقية تنبثق من اقتراع قوي وانتخابات تعبوية كبيرة، وقرارات تطلع من
المنطق والتأني في قراءة المستقبل القريب، والماضي القريب الذي رافق الدستور.
الانتخابات ستكون في وقتها دائما عندما تكون مصحوبة بقرارات تجعلها اللحظة الوطنية القوية بعد الدستور، وعندما تكون مصاحبة بقرارات تؤمنها وتدفع الناس عموما والرأي العام الحزبي بكل تلاوينه الى المشاركة والانتصار للمؤسسات القوية. وستكون في وقتها دائمة عندما لا تكون .. سارقة لأوانها.
وتكون الانتخابات في زمانها عندما نضمن لها النصوص والقرارات المرافقة ونضمن لها القدرة على تقدير بدائل عملية وقوية تساير الدستور ولا تعود به الى منطق الجمود أو النص المتعالي عن الواقع.
هناك مخاطر بأن تعطل السياسة الدستور, وفي هذه الحالة لا يمكن أن ?نجرم? ,كما فعل عبد المنعم الديلامي , في افتتاحيته ليوم أمس.
لقد اعتبر الاعلامي الشهير أن الذين يدعون الى مصاحبة الزمن في تكريس مرحلة ما بعد الدستور يرتكبون جريمة.
ليس المجال هنا للبوليميك مع زميلنا عبد المنعم أو من يقتنعون برأيه, ولكن لا بأس من أن نتساءل، إذا كان الوضع كارثيا, كما يقول « الحكومة عاجزة والاشياء تنفلت والظلام يحاصرنا من كل جانب ... والاقتصاد على شفا حفرة ..» لماذا ننتظر إلى شهر اكتوبر، ولماذا لا نحيل البلاد على عجل الى أول مستعجلات ، أوفي أول سيارة إسعاف؟.
هل نقر بأن البلاد في هذه الوضعية الكارثية التي وصفها، وننتظر ثلاثة اشهر أو يزيد.
ألا نكون، من باب الاجرام ,متهمين بعدم تقديم مساعدة لبلاد في خطر؟
لست ادري لماذا ?أفتى الزميل عبد المنعم الديلامي بمثل هذه الفتوى التي تعتبر بأن تدقيق متطلبات المرحلة بما يطلبه من وقت هو مسألة اجرامية.
والحال أنه سيكون اجراميا أن نترك كل الفرص لاصحاب المال والشكارات والفاسدين والذين ابلوا البلاء السيء في الايام الماضية. ولا نترك فرصة للرأي العام لكي يقتنع بالعمليات القادمة.
لقد صوت المغاربة على الدستور لما للملكية من مكانة وايضا لما يتوجسونه من الوضع العام في العالم العربي وليس اكيدا أنهم سينخرطون بنفس القوة في الاقتراع المقبل ، اذا لم يكن هناك ما يقنعهم بذلك.
وفي حالة الوضع الحالي ليس من حقنا أبدا ومطلقا أن ندفع الناس الى اليأس من الحل السياسي الانتخابي ، لأن الرياح الحالية تؤجج اليأس، وتدفع اليائسين الى مواقف جدرية اكثر ، بمن فيهم الرأي العام الحزبي.
لنضع لكل حالة سياقها.
مما لا شك فيه أن الذين يدعون الى قليل من انضاج الشروط لهم ما يبررون به، والذين يقولون بضرورة الاسراع ببقية المسلسل ، لهم ما يبررون به، ولا داعي للتخوين أو التجريم فتلك طريقة غير مقبولة في النقاش الديموقراطي.
هناك معطى اساسي سيحدد متواليات الوضع المغربي الراهن، وهو درجة تعامل الرأي العام مع الانتخابات ، ومع معضلات سياسية واقتصادية لها وقعها وستحدد بشكل اساسي درجة الانخراط في الافق الذي فتحه الدستور.
ولسنا في وضع عادي لنقول بأن السرعة لن تقتل، ولا أن الوقت غير ضروري في المعادلة السياسية.
يعلمنا العقل السياسي الحديث، كما يعلمنا التاريخ الطويل للانسانية أن الدولة هي حالة صبر طويلة، وبذلك فإن الانتخابات في صناعة اقدار الشعوب والدول، عابرة، لكن المعادلة السياسية التي تبرز منها ، مثل معادلات النسبية ابدية ودائمة في الزمن.
وتدبير الزمن يعادل ?تربية? الزمن و من لا يقبل بأن تعالج اوضاعه بأدوية جديدة، عليه أن يقبل بالالم من آلام جديدة، وليس الآلام القديمة وحسب.
عن جريدة الإتحاد الإشتراكي
7/9/2011

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017