آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كم ستصمد «الزرواطة» أمام رياح التغيير؟

ذ.مصطفى المانوزي، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة و الإنصاف:
كم ستصمد «الزرواطة» أمام رياح التغيير؟





ذ.مصطفى المانوزي
الوطن الآن
* تحول المغرب مؤخرا إلى ما يشبه «حائط المبكى»، فالكل يخرج للتظاهر والاحتجاج للمطالبة بحق معين (سكن، أجور، ترقية، تسوية إدارية، الالتحاق بالزوج، توظيف، تخفيض ثمن السقي، تخفيض الأسعار...إلخ.) هل اكتشف المغاربة فجأة «حقوق الإنسان» لدرجة أن كل واحد أصبح يرفع شعاره الخاص به؟
** هذه لحظة ليست فقط تاريخية ولكن فرصة ديمقراطية، منح فيها التاريخ لجميع المظلومين ترخيصا استثنائيا للتعبير عن المطالب العامة المشتركة وضمنها تحقيق الحاجيات الخاصة، ولا يمكن كحقوقيين وإعلاميين يرومون بلوغ الحق والحقيقة أن نشبه الفضاء العام حائط مبكى، ولكن ما أخشاه هو تداعيات تماهي المطالب الفئوية والقطاعية مع المطالب السياسية. التحولات الجارية هي التي ستجعل من المغرب
وطنا بمواطنين بدل رعايا يتزلفون للحكام ويختفون وراء الاحتجاج العنيف والانتحار أو نقد السلطة العمومية عن طريق الإشاعة والتنكيت والولاء المتزلف. إن تنوع التعبيرات هو تمرين على العمل اليمقراطي وهو المشاركة عينها، وأنت تعلم جيدا كيف أن الخوف من التعبير قد خلق لنا مجتمعا يحاول إرضاء السلطة بالنفاق والتنازل عن الحقوق أو ببيع الذمم والتخلي عن حرية الإرادة.


* ارتباطا بالسؤال ذاته لوحظ أن الدولة تحللت من مسؤوليتها لدرجة أن المرافق العامة أضحت معطلة بسبب كثرة الإضرابات مما يؤدي إلى تضرر مصالح المواطنين (محافظة عقارية، جماعات محلية، محاكم، مدارس مثلا...إلخ) والشوارع أصبحت محتلة بشكل بشع من طرف الباعة المتجولين بشكل يعوق حركة التنقل. ألهذه الدرجة أضحى البوعزيزي يخيف حتى حكومة عباس الفاسي؟
** الدولة ساهمت بشكل كبير في تمييع الحياة السياسية بتزوير الإرادات وبعد انفتاحها تركت الأحزاب تتطاحن في ما بينها، بغض النظر عن تداعيات الانصياع لإملاءات وشروط المؤسسات المالية الدولية التي تخلت بموجبها الدولة عن السيادة الوطنية الاقتصادية وما ترتب عنها من تخليها عن دعم الخدمة العمومية وتراجع الإنفاق العمومي في المجالات الاستراتيجية والحيوية كالتعليم والصحة والشغل. وإذا كان من حق النقابات والهيئات المهنية شن إضرابات قطاعية لوضع حد لتردي أوضاع منخرطيها، فإنه لاينبغي بتاتا التعسف في استعمال هذا الحق. ومعك حقك أنهكت الأحزاب الحقيقية، الوسيطة تاريخيا بينها وبين المجتمع، وراكمت الوعود وضخمت الانتظارات باسم العهد الجديد، وفي الوقت نفسه فقدت الهيبة باسم احترام حقوق الإنسان، وهو حق أريد به باطل. ولاحظ معي مفارقة عجيبة كيف أن الدولة تخشى تكرار سيناريو البوعزيزي، وكي ترضي وتعوض التجار النظاميين، أي المرخص لهم بسبب الأضرار التي يتسبب فيها الباعة المتجولين، لجأت إلى تحريضهم على شباب حركة 20 فبراير السلمية ودعت غرف التجارة إلى دعم الحركات المناهضة لهذه الأخيرة.


* بدأت بعض الأصوات ترتفع احتجاجا على السلطة العمومية من كونها تشهر ورقة جماعة العدل والإحسان وتحكم هذه الأخيرة في حركة 20 فبراير مما يبرر استعمالها للعنف والقوة لتفريق المتظاهرين. لكن الوسط الحقوقي وضمنه المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف التزم الصمت ولم يعلن عن موقف واضح تجاه هيمنة جماعة العدل والإحسان على هذه الحركة، لدرجة أنها تدعو إلى إسقاط النظام حسبما اتهمت به.
** أولا، نحن مجرد داعمين لحركة 20 فبراير، وحرصنا منذ النداء الذي وجهه المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف بتاريخ 2 فبراير وقبل سقوط النظام المصري، حرصنا على دعوة حلفائنا في الطيف الحقوقي على ضرورة مرافقة «الشباب» في معركتهم الوطنية والديمقراطية، ووقفنا بالمرصاد لكل الإرهابيين الفكريين الذين اتهمواهم بالولاء لأجندات أجنبية، ونحن قمنا بإدانة الاستعمال المفرط للقوة تجاه المتظاهرين سلميا، وها هي تخوفاتنا تصير حقيقة، بماذا سترد الدولة على قضية وفاة الشاب كمال عماري من مدينة آسفي متأثرا بالضرب والجرح؟ (الحوار أجري ليلة السبت 4 يونيو - المحرر) كيف تريدنا أن أن نتصرف؟ أين الاستباق؟ ما محل الحكامة الأمنية من الإعراب؟ تطلبون منا موقفا صريحا من العدل والإحسان؟ حاول أن تراجع موقفي في جريدتكم، نحن لا نهول من الناس ولا نبخس أشياءهم. من هنا لن نحكم على النوايا ولن نحاكمها، نحن حقوقيون مع حرية الاعتقاد ودورنا لن يكون استئصاليا أو إقصائيا هذا دور القضاء والمؤسس على القانون. ولكن إذا تم إشعارنا بمعطيات صحيحة حول أمر ما يتهدد مصالح الوطن العليا، فلن نتردد في التعقيب والتعقب حفاظا على حقوق المواطنين وعلى رأسها الحق في الوجود والانتماء والحق في الحياة.


* جماعة العدل والإحسان تتهم بأنها ذات فكر شمولي معاد لحقوق الإنسان ومعاد للقيم الكونية التي أنتم تدافعون عنها في المنتدى ألم يقع حوار بينكم وبين الدولة حول هذا الموضوع مثلما يقع في الدول المتمدنة، حيث تتحاور السلطات مع العقلاء في الحركات الجمعوية والحقوقية؟
** الدولة دأبت على تدبير قضايا الوطن الاستراتيجية بمفردها وبالأحرى في أمور يدخل ضمن صلاحياتها الأمنية، قد نرفض هيمنة التيارات الدينية على المشهد الديمقراطي، ولكن تسخرنا الدولة ولن نقبل بذلك، مادام الصراع في العمق هو، في حالتنا، بين الدولة والعدليين، صراع من صميم الشرعية الدينية للحكم أو الإمامة. وكل ما يمكن أن أقر به هو أنه لا يمكن أن نحول قسريا تنسيقا بين شباب إلى تحالف بين الأحزاب التي ينتمون إليها. فالمنطق هذا يسير عكس التاريخ وضد الجغرافيا السياسية، قد يكون زواج متعة ولكن لا يمكن تمديده إلى زواج كاثوليكي. والحل ليس بيد الدولة ولا بيد الفاعلين الحقوقيين، إنه بيد الفاعلين السياسيين الديمقراطيين الذين عليهم التحرك لملء الفراغ بين الدولة والمجتمع. ويمكن اعتبار دينامية المطالبة بالملكية البرلمانية مدخلا أساسيا لرفع التأزيم الحاصل، لأنه في جميع الحالات كم ستصمد «الزرواطة» أمام عناد رياح التغيير.


* من خلال ما صرحت به أعلاه وفي الإعلام العمومي يبدو أن المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف حريص على التوفيق والتوافق بين الأطراف المتدخلة في تدبير الفضاء العمومي بمن فيهم المتظاهرون والقوة العمومية. ما تعليقك؟
** هذا السؤال هو مفتاح الألغاز التي تكتنف تدبير العلاقة بين الحرية والنظام العام، لكن اسمح لي أولا أن أثير مسألة أساسية ومهمة في سلوكنا المدني ألا وهي ان القوة العمومية هي ملك مشاع بين الدولة والمجتمع، وهي أصلا خلقت لحماية المجتمع قبل الدولة وبالأحرى قبل النظام، لذلك أعترف بأنه غاب عنا ونحن نقترح مقتضيات ونطلب تسييدها في الدستور، إلى جانب الحقوق والحريات، غاب عنا أن نطالب بدسترة حياد القوة العمومية، لأنه يمكن للطبقة الحاكمة أن تسخر جهاز الدولة لتنفيذ سياساتها العمومية، غير أنه بالنسبة للقوة العمومية فهي ضابطة للأمن البشري في حياد عن السياقات وفي حياد عن الموقف السياسي، فدورها تفادي اختلال تدبير المجال العمومي بحماية المتظاهرين أولا، فالمواطنون ثانيا، ثم الممتلكات ثالثا، وبعقلانية وحكمة، خاصة أن قانون التجمعات والتظاهر والتجمهر يعطي إمكانية التفريق فقط، وفي حالة الخرق تنتقل المهمة إلى النيابة العامة التي تحيل المخالفين على القضاء ليقول كلمته في إطار المحاكمة العادلة. ولهذا فالمفهوم الديمقراطي لا يستند على موقف الدولة الرسمي من المتظاهرين، ولكن يرتكز على مدى حقهم الدستوري أولا، ثم القانون. من هنا لاينبغي أن يقع تعارض بين الحرية والنظام العام مادامت القوة العمومية أنشئت مبدئيا لحماية الحريات من خلال حسن تدبير هذه الحماية في الشارع. فمتى ستستجيب السلطات العمومية لاعتبارات المفهوم الديمقراطي الذي لا يعني سوى أن تكون السلطة التنظيمية في خدمة دولة الحق والقانون وليس فقط دولة القانون؟
العدد 433
حاوره: أحمد لفضالي

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017