آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مشروع الدستـور والفرحة الناقصة



مشروع الدستـور والفرحة الناقصة



مصطفى الخلفي

رغم حالة التقدير لعدد من المقتضيات الديموقراطية الوازنة في مشروع الدستور المعدل، لم يغامر فاعل حزبي معتبر بإعطاء موقف نهائي يعلن عن الانخراط في التعبئة لمصلحة هذا المشروع، ذلك أن «الشيطان» إن تسلل للنص الدستوري الجديد فسيكون في تفاصيل الصياغة القانونية، مما جعل الحديث عن الموقف الأولي من مشروع الدستور المعدل مشوبا ب»غصة وتردد»، ورغم حالة المفاجأة الإيجابية عند العديد من الفاعلين بمستجدات المشروع في القضايا ذات العلاقة بموقع الملكية الجديد والذي أصبح معنيا أكثر بقضايا السيادة والشأن الديني والتحكيم بين المؤسسات ومعه التوسيع الكبير لاختصاصات وشروط عمل كل من المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية ووضع البلاد على طريق انتقال ديموقراطي شامل، فإنه في المقابل ثمة خوف من
حصول «مفاجأة مضادة» في القضايا ذات العلاقة بنظام الهوية والمرجعية، والتي لم تقدم بتفصيل في لقاء الآلية السياسية ليوم الثلاثاء الماضي إلا ما رشح منها وحمل مؤشرات قلق عميق.
كلا الحالتين، أي التردد في تحديد موقف نهائي والخوف من المفاجأة المضادة يفسران حالة الفرحة الناقصة بدستور ديموقراطي يؤسس للملكية الثانية، وهي فرحة يمكن استكمالها إذا نجح المغرب في التدبير التشاركي والديموقراطي لهذه المرحلة الفاصلة إلى غاية الإعلان الملكي عن مشروع الدستور المعدل بالصيغة التي سيعرض فيها على الاستفتاء، وهو تدبير يقتضي عدم التردد في مراجعة أي مادة جاءت بها اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور وثبت أن من شأنها أن تخلق تشويشا وإرباكا للموقف الوطني من الدستور، وأن تهدد بشكل جسيم احتمالات حصول إجماع عليه، إن لم نقل أنها قد تفتح الباب لتأسيس إجماع مضاد تفقد معه المقتضيات الديموقراطية النوعية قيمتها وأهميتها في تحديد الموقف من الدستور. نقول ذلك اليوم انطلاقا من خبرة التجربة الدستورية المصرية الأخيرة وذلك بعد الثورة، حيث لم يعد المحدد في الموقف الشعبي من التعديلات الدستورية المقترحة ما جاءت به من مقتضيات ديموقراطية بل دخلت على الخط الإشكالات الطائفية، وأصبح من مع الدستور «مسلم» ومن ضده»مسيحي»، وضاع النقاش الديموقراطي في هذه الثنائية.
الاتعاظ بدروس الآخرين واجب، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا تحديد هوية الشعب المغربي ومرجعيته وانتمائه الحضاري والتاريخي والجغرافي في الوثيقة الدستورية، باعتبار أن مثل هذه المهمة تناط بمجلس تأسيسي دستوري منتخب، وفي حال اللجوء إلى لجنة غير منتخبة فإن تجاوز ما هو قائم في الدستور الحالي واللجوء إلى اعتماد ما يخرج عما حدده الخطاب الملكي ل9 مارس بخصوص قضايا المرجعية والهوية والمعتقد يصبح مدخلا للفتنة والتشويش والفوضى واللعب بالنار.
لقد نجح المغرب بمجموع مكوناته الأساسية في التجاوز الجماعي للتوتر الوطني الداخلي أثناء مناقشة مدونة الأسرة، والمطلوب استلهام تلك التجربة حتى نفوت الفرصة على كل دفع للبلاد نحو معارك هامشية ومفتعلة ومشوشة.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

مدونة خاصة بالدستورالمغربي

2017